قال القرطبي: ويحتمل أن يكون فهم عنه أنه يترك ركوبها على عادة الجاهلية في البحيرة والسائبة والوصيلة، فزجره عن ذلك، فعلى الحالتين هي إنشاء، ورجحه عياض وغيره، قالوا: والأمر هنا وإن قلنا: إنه للإرشاد، لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر، والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا.
ويحتمل أن يكون ظن أنه يلزمه غرم بركوبها أو إثم؛ وأن الإذن الصادر له بركوبها إنما هو للشفقة عليه، فتوقف، فلما أغلظ له .. بادر إلى الامتثال، وقيل: لأنه كان أشرف على الهلاك من الجهد.
و(ويل) كلمة تقال لمن وقع في هلكة.
فالمعنى: أشرفت على الهلاك فاركب، فعلى هذا هي إخبار، وقيل: هي كلمة تدعم بها العرب كلامها، ولا تقصد معناها؛ كقولهم: لا أم لك، ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ:(ويحك) بدل (ويلك).
قال الهروي:(ويل) يقال لمن وقع في هلكة يستحقها، و (ويح) لمن وقع في هلكة لا يستحقها، كذا في "الفتح".
واستنبط البخاري من هذا الحديث جواز انتفاع الواقف بوقفه، وهو موافق للجمهور في الأوقاف العامة. انتهى؛ كالمساجد مثلًا.
قال السندي: الرجل المذكور في الحديث لم يقف عليه الحافظ بعد طول البحث عنه. انتهى "سبل السلام".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب ركوب البدن، ومسلم في كتاب الحج، باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب في ركوب البدن، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في ركوب البدنة، والنسائي في كتاب المناسك،