أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يبعث) ويرسل (معه) أي: مع ذؤيب (بالبدن) أي: ببدنه وهداياه التي ساقها من ذي الحليفة في حجة الوداع إلى مكة (ثم يقول) رسول الله صلى الله عليه وسلم لذؤيب: (إذا عطب) من باب فرح وتعب؛ أي: إذا عجز وأعيا (منها) أي: من هذه البدن (شيء) أي: واحد منها فأكثر؛ والعطب - بوزن التعب -: الهلاك؛ والمراد: إن قارب الهلاك والموت شيء منها بقرينة قوله: (فخشيت عليه موتًا) أي: فخفت عليه موتًا .. (فانحرها) أي: فانحر تلك البدنة التي خشيت عليها الموت (ثم اغمس) وأدخل (نعلها) المعلق بعنقها؛ لتكون علامةً على كونها هديًا؛ أي: ألق نعلها (في دمها) الذي يسيل منها؛ كيلا ينتفع بشيء منها، حتى لا تؤخذ نعلها؛ ليقلد بها غيرها.
(ثم) بعدما ألقيت نعلها في دمها .. خذه و (اضرب) به؛ أي: بنعلها (صفحتها) أي: اجعله على جانب عنقها؛ ليحترز عن أكلها الغني، ويعرف أنها هدي (ولا تطعم منها) أي: من تلك البدنة (أنت) يا ذؤيب (ولا أحد من أهل رفقتك) أي: لا تأكل أنت من لحمها، ولا واحد من رفقتك؛ أي: من أصحابك الذين رافقتهم في السفر، وهذا محمول - كما قال النووي - على سد الذرائع؛ حتى لا يتساهل فينحر قبل أوانه.
قال الخطابي: ويشبه أن يكون ذاك؛ ليقطع عنهم باب التهمة، وقال السندي: ويحتمل أنهم كانوا أغنياء.
والرفقة - بضمة الراء وكسرها، وقيل: مثلثة وسكون الفاء: جماعة ترافقهم في سفرك.