راعها شيء .. رجعت إلى جحرها؛ كذلك الإيمان انتشر من المدينة، وكل مؤمن له سائق من نفسه إلى المدينة؛ لمحبته النبي صلى الله عليه وسلم، فيشمل ذلك جميع الأزمنة؛ من زمنه صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا وما بعده إلى يوم القيامة.
قلت: وفيما قلنا وفيما قاله القاضي رد على من يخصه بوقت خروج الدجال، وهو وإن جاء في الصحيح عن أنس رضي الله تعالى عنه مرفوعًا:"ليس من بلد إلا سيطأ الدجال، إلا مكة والمدينة، ليس لها من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها"، فلا يرد عموم هذا الحديث. انتهى من هامش "الإكمال".
قوله:"ليأرز إلى المدينة" - بهمزة ساكنة وراء مكسورة ثم زاي - من باب ضرب يضرب؛ أي: ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض فيها.
وحكى القابسي فتح الراء؛ من باب علم يعلم، وحكى ضمها؛ من باب نَصرَ يَنْصرُ.
"كما تأرز الحية" أي: كما تنتشر الحية وتنبسط من جحرها في طلب ما تعيش به، فإذا راعها شيء .. رجعت إلى جحرها، كذلك الإيمان انتشر من المدينة؛ فكل مؤمن له من نفسه سائق إليها لمحبته في ساكنها صلوات الله وسلامه عليه، وهذا شامل لجميع الأزمنة؛ أما زمنه صلى الله عليه وسلم .. فللتعلم منه، وأما زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم .. فللاقتداء بهديهم، وأما بعدهم .. فلزيارة قبره المنيف، والصلاة في مسجده الشريف، والتبرك بمشاهدة آثاره وآثار أصحابه، رزقني الله وإياكم ذلك، والممات على محبته هنالك، آمين. انتهى من "القسطلاني على البخاري".