قد رأى مكانه أيضًا في مدة خلافته (وهما) أي: والحال أنهما؛ أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأن أبا بكر رضي الله عنه (أحوج منك) أي: أشد حاجةً منك يا عمر (إلى) توزيع (المال) أي: مال الكعبة؛ لقلة المال في زمنهما (فلم يحركاه) أي: لم يحركا مال الكعبة عن مكانه؛ أي: لم يأخذاه ولم يوزعاه للناس (فقام) عمر من عندي، حالة كونه (كما هو) أي: على ما هو عليه أولًا من عدم أخذ المال (فخرج) عمر من عندي ولم يأخذ مالًا.
قال ابن بطال: أراد عمر لكثرته إِنفاقَه في منافع المسلمين، ثم لما ذكر شيبة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض له .. أمسك، وإنما تركا ذلك - والله أعلم - لأن ما جعل في الكعبة وسبل لها يجري مجرى الأوقاف الخاصة، فلا يجوز تغييره عن وجهه، وفي ذلك تعظيم الإسلام، وترهيب العدو.
قلت: هذا التعليل ليس بظاهر من الحديث، بل يحتمل أن يكون تركه صلى الله عليه وسلم لذلك؛ رعايةً لقلوب قريش؛ كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، ويؤيده ما وقع عند مسلم في بعض طرق حديث عائشة في بناء الكعبة:"لأنفقت كنز الكعبة"، ولفظه:"لولا أن قومك حديثو عهد بكفر .. لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض ... " الحديث، فهذا التعليل هو المعتمد، قاله الحافظ. انتهى من "العون".
وعبارة السندي: قوله: (فلم يحركاه) استدل بتركه صلى الله عليه وسلم وترك أبي بكر رضي الله تعالى عنه التعرض لمال الكعبة، مع علمهما به، وحاجتهما إليه .. على أنه لا يجوز إخراجه والتعرض له، ووافقه عمر رضي الله تعالى عنه على ذلك، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يراعي