وعطف قوله:"وليحد أحدكم شفرته" أي: وليجعل سكينه حادةً قاطعةً، وليعجل إمرارها، "فليرح" أي: فليعط "ذبيحته" الراحة من الألم؛ من عطف السبب على المسبب، والبيان على المبين.
قوله:"الذبح" - بفتح الذال المعجمة وكسرها وسكون الموحدة بلا هاء - من ذبح الذبيحة؛ إذا قطع حلقومها، أو نحرَ لَبَّتها، وأصله: الشق والقطع.
وإحسان الذبح في البهائم: الرفق بالبهيمة؛ فلا يصرعها بعنف، ولا يجرها من موضع إلى موضع، وإحداد الآلة، وتعجيل إمرارها، وإحضار نية الإباحة والقربة، وتوجيهها إلى القبلة، والتسمية، والإجهاز، وقطع الودجين والحلقوم، وإراحتها وتركها إلى أن تبرد، والاعتراف لله تعالى بالمنة، والشكر على النعمة بأنه سخر لنا ما لو شاء .. لسلطه علينا، وأباح لنا ما لو شاء .. لحرمه علينا.
وقال ربيعة: من إحسان الذبح: ألا تذبح بهيمة وأخرى تنظر إليها، وحكي جوازه عن مالك، والأول أولى.
وقال النووي: ويستحب ألا يحد السكين بحضرة الذبيحة، وألا يجرها إلى مذبحها.
قوله:"وليحد أحدكم شفرته" والشفرة - بفتح الشين وسكون الفاء -: السكين العظيم المعد للذبيحة؛ أي: ليجعلها حادةً غير كالة، وليعجل في إمرارها.
قوله:"فليرح ذبيحته" أي: فليتركها حتى تستريح وتبرد، وهذان الفعلان كالبيان للإحسان في الذبح، لا يقال: هذا معارض لقوله صلى الله عليه وسلم: "من غرق .. غرقناه، ومن حرق .. حرقناه" لأنه محمول على السياسة. انتهى من "المبارق" بعبارته.