(قال) البراء: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) معاشر الصحابة يوم خيبر (أن نلقي) ونرمي (لحوم الحمر الأهلية نيئة) - بكسر النون وفتح الهمزة مع تخفيف الياء الساكنة - أي: غير مطبوخة بدل من لحوم، بدل تفصيل من مجمل (ونضيجة) أي: مطبوخة؛ أي: أمرنا أن نرميها نيئها ومطبوخها (ثم) بعدما أمرنا بإلقائها (لم يأمرنا به) أي: بأكل لحمها؛ أي: لم يرخص لنا في أكله (بعد) أي: بعدما أمرنا بإلقائه، فصار تحريمها على التأبيد.
وفي هذا الحديث دليل لمذهب جمهور الفقهاء في تحريم الحمر الأهلية، وإنما قيد بالأهلية؛ لكون الوحشية من الحمر حلالًا بالإجماع، وروي عن ابن عباس أنه كان يقول بحلية الحمر الأهلية أيضًا، وهو قول مالك في رواية، وفي أخرى أنها مكروهة، وفي ثالثة محرمة، وهذه الرواية هي الصحيحة المشهورة عنه، وعليها أجمع المسلمون إلا من شذ.
واستدل على حلية الحمر الأهلية بحديث غالب بن أبجر، وهو حديث ضعيف، قال النووي والحافظ: إن سند ذلك الحديث ضعيف، والمتن شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، فلا اعتماد عليه. انتهى من "الكوكب".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ومسلم في كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحم الإنسية، والنسائي في كتاب الصيد، باب تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.