وفي هذا الجزء الأول، فالحديث صحيح؛ لصحة سنده فيكون شاهدًا لحديث أبي هريرة.
ثم ذكر الجزء الثاني بقوله:(وما مات) أي: وكل حيوان مات (فيه) أي: في موج البحر، سواء كان موته بسبب أو بغير سبب (وطفا) أي: علا وارتفع فوق الماء بعد أن مات فيه .. (فلا تأكلوه) لأنه حرام، استدل بهذا من قال وذهب إلى كراهة السمك الطافي.
فالحديث ضعيف في هذا الجزء الثاني وإن كان سنده صحيحًا، ويحمل على أنه من زيادة الراوي؛ لأنه يعارضه حديث جابر الذي سنذكره قريبًا، ولمخالفته لما عليه جمهور أهل العلم من الصحابة وغيرهم؛ وهو إباحة السمك الطافي.
قال الخطابي: قد ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه أباح الطافي من السمك؛ ثبت ذلك عن أبي بكر الصديق وأبي أيوب الأنصاري، وإليه ذهب ابن أبي رباح ومكحول وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور، وروي عن جابر وابن عباس أنهما كرها الطافي من السمك، وإليه ذهب جابر بن زيد وطاووس، وبه قال أصحاب الرأي. انتهى.
قلت: يدل على إباحة السمك الطافي حديث جابر بن عبد الله، قال: غزونا جيش الخبط وأميرنا أبو عبيدة، فجعنا جوعًا شديدًا، فألقى البحر حوتًا ميتًا لم نر مثله، يقال له: العنبر، فأكلنا منه نصف شهر ... الحديث، وفي آخره: فلما قدمنا المدينة .. ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "كلوا رزقًا أخرجه الله تعالى لكم، أطعمونا إن كان معكم"، فأتاه بعضهم بشيء فأكله، أخرجه البخاري ومسلم.