للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ".

===

الخصلة التي هي أنفع لصاحبها (تطعم الطعام) للمحاويج - بضم التاء - من أطعم الرباعي، فهو خبر لمبتدأ محذوف مع إضمار أن المصدرية؛ أي: هي أن تطعم الطعام للمحتاج؛ نظير قولهم: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) فحذفت أن المصدرية التي تخلص الفعل للاستقبال؛ ليأتي الفعل بصورة المحتمل للحال؛ إظهارًا للرغبة في حصوله، والتعجيل به للمحتاج إليه، وبصورة المضارع؛ لتصور حالته العظيمة التي أثنى الله بها على مطعمه بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} (١)، وللرغبة في تجدد إعطائه واستمراره، وصرح بمفعوله الذي هو الطعام؛ احتراسًا من توهم التجوز بتطعم عن حديث حسنٍ أو علم نافع أو غير ذلك.

و"تطعم" من الخطاب العام، وليس المقصود السائل فقط؛ أي: أن تطعم يا من يصح منه الإطعام، ولأن ما روي حكمًا على الواحد .. فهو حكم على الجماعة، و"الطعام" اسم للمقتات؛ كما مر البسط فيه في الحديث السابق نقلًا عن السنوسي.

(وتقرأ السلام) معطوف على (تطعم) والتقدير؛ أي: وتلك الخصال النافعة في الإسلام: إطعام الطعام للمحاويج وغيرهم، وقراءتك السلام؛ أي: التحية الإسلامية (على مَنْ عرفْتَـ) ـهُ (و) على (من لم تعرفـ) ـه إذا كانوا مسلمين؛ أي: وأن تسلم على كل من لقيته، عرفته أم لم تعرفه، ولا تخص به من تعرفه؛ كما يفعله كثير من المعاصرين المتعصبين، ثم إن هذا العموم مخصوص بالمسلمين فلا يسلم ابتداءً على كافر؛ لأنه ليس من أهل التكرمة.

قال القاضي عياض: بذل السلام لكل أحد دليل على أنه مبتغىً به وجه الله


(١) سورة الإنسان: (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>