الأكل باليمين ورود الوعيد في الأكل بالشمال؛ ففي "صحيح مسلم" من حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يأكل بشماله، فقال:"كل بيمينك"، قال: لا أستطيع، قال:"لا استطعت"، فما رفعها إلى فيه بعد.
وأخرج الطبراني من حديث سبيعة الأسلمية من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سبيعة الأسلمية تأكل بشمالها، فقال:"أخذها داء غزة"، فقال: إن بها قرحةً؛ قال:"وإن"، فمرت بغزة، فأصابها طاعون فماتت، وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في "مسند الصحابة الذين نزلوا مصر"، وسنده حسن.
وثبت النهي عن الأكل بالشمال، وأنه من عمل الشيطان من حديث ابن عمر ومن حديث جابر عند مسلم، وعند أحمد بسند حسن عن عائشة رفعته:"من أكل بشماله .. أكل معه الشيطان ... " الحديث. انتهى.
قوله:(فإن الشيطان يأكل بشماله) قال التوربشتي: المعنى: أنه يحمل أولياءه من الإنس على ذلك الصنيع؛ ليضاد به عباد الله الصالحين، ثم إن من حق نعمة الله تعالى والقيام بشكرها أن تكرم ولا يستهان بها، ومن حق الكرامة أن تتناول باليمين، ويميز بها بين ما كان من النعمة، وبين ما كان من الأذى.
قال الطيبي: وتحريره أن يقال: لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشرب بها؛ فإنكم إن فعلتم ذلك .. كنتم أولياء الشيطان؛ فإن الشيطان يحمل أولياءه من الإنس على ذلك.
قال الحافظ: وفيه عدول عن الظاهر، والأولى حمل الخبر على ظاهره، وأن الشيطان يأكل حقيقةً؛ لأن العقل لا يحيل ذلك، وقد ثبت الخبر به، فلا يحتاج إلى تأويله.