للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي: "يَا غُلَامُ؛ سَمِّ اللهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ".

===

(قال) عمر بن أبي سلمة: (كنت) أنا (غلامًا) أي: ولدًا صغيرًا مربّىً (في حجر النبي صلى الله عليه وسلم) وتربيته (وكانت يدي) عند الأكل مع الناس (تطيش) وتضطرب وتتحرك وتنتقل (في الصحفة) من محل إلى آخر عند أخذ الطعام من الصحفة، ولا تثبت في مكان واحد، والصحفة: دون القصعة؛ وهي تسع ما يشبع خمسة أنفار، وهي دون القصعة، وهي - أي: القصعة - تسع ما يشبع عشرة؛ كذا قال الكسائي فيما حكاه الجوهري وغيره عنه، وقيل: الصحفة كالقصعة، وجمعها صحاف. انتهى من "السندي".

(فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام؛ سم الله) أي: اذكر اسم الله عند بداية أكلك (وكل بيمينك) أي: بيدك اليمنى لا باليسرى (وكل مما يليك) أي: من طعام الجانب الذي يليك من الصحفة، لا من طعام الجانب الذي يلي غيرك، وهذا من آداب الأكل مع الناس.

قال النووي: وفي هذا الحديث بيان ثلاث سنن من سنن الأكل؛ وهي:

التسمية، والأكل باليمين، والأكل مما يليه.

قال القرطبي: وفي الحديث تعليم الصبيان ما يحتاجون إليه من أمور الدين وآدابه، وهذه الأوامر كلها على الندب؛ لأنها من المحاسن المكملة، والمكارم المستحسنة، والأصل فيما كان من هذا الباب .. الترغيب والندب.

وقوله: "وكل مما يليك" سنة متفق عليها، وخلافها مكروه شديد الاستقباح، لكن إذا كان الطعام نوعًا واحدًا؛ وسبب ذلك الاستقباح أن كل آكل كالحائز لما يليه من الطعام، فأخذ الغير له تعد عليه، مع ما في ذلك من تقزز النفوس ما خاضت فيه الأيدي والأصابع، ولما فيه من إظهار الحرص على

<<  <  ج: ص:  >  >>