(قالت) عائشة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيت) مبتدأ وجملة (لا تمر) موجود (فيه) صفة المبتدأ، وهي المسوغة للابتداء بالنكرة.
وقوله:(جياع) خبر المبتدأ، و (أهله) مرفوع به، لأنه وصف يعمل عمل فعله؛ لأنه جمع جائع؛ من جاع يجوع جوعًا؛ إذا أخذه الجوع، وهو ضد الشبع، قال السندي: قوله: (جياع أهله) - بكسر الجيم - جمع جائع، قيل: لأن التمر كان يقويهم، فإذا خلا منه البيت .. جاع أهله، وأهل بلده بالنظر إلى قوتهم يكونون كذلك.
قال الطيبي: لعله حث على القناعة في بلاد كثر فيها التمر؛ أي: من قنع به .. لا يجوع، وقيل: هو تفضيل للتمر على غيره من القوت، لأنه لا تحتاج في أكله إلى الطحن والعجن والخبز إلى غير ذلك. انتهى.
قال القرطبي: وهذا الحديث عنى به النبي صلى الله عليه وسلم: المدينة ومن كان على حالهم ممن كان غالب قوتهم التمر، وذلك أنه إذا خلا البيت عن غالب القوت في ذلك الموضع .. كان عن غير الغالب أخلئ، فيجوع أهله؛ إذ لا يجدون شيئًا، ويصدق هذا القوت على كل بلد ليس فيه إلا صنف واحد، أو يكون الغالب فيه صنفًا واحدًا، فيقال على بلد ليس فيه إلا البر: بيت لا بر فيه جياع أهله.
ويفيد هذا التنبيه على مصلحة تحصيل القوت وادخاره؛ فإنه أسكن للنفس غالبًا وأبعد عن التشويش. انتهى من "المفهم".
وفي الحديث إشارة إلى فضيلة التمر، وجواز الادخار للعيال والحث عليه.
قال المناوي: هذا ورد في بلاد غالب قوتهم التمر؛ كأهل الحجاز في ذلك الزمن انتهى.