للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي كِتَابِه، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ .. فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ".

===

(في كتابه) يعني: إما مبينًا، وإما مجملًا بقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١)؛ لئلا يشكل بكثير من الأشياء صح تحريمها بالحديث وليس بصريح في الكتاب.

قال الشوكاني في "النيل": المراد من هذه العبارة وأمثالها مما يدل على حصر التحليل والتحريم في الكتاب العزيز: هو باعتبار اشتماله على جميع الأحكام، ولو بطريق العموم، أو الإشارة، أو بطريق الأغلب، لحديث: "إني أوتيت القرآن ومثله" وهو حديث صحيح. انتهى، انتهى من "التحفة".

(وما سكت) أي: والذي سكت الكتاب (عنه) أي: عن بيانه، أو وما أعرض الله عن بيان تحليله وتحريمه رحمة من غير نسيان .. (فهو مما عفا عنه) أي: عن استعماله وأباح في أكله، وفيه: أن الأصل في الأشياء الإباحة، ويؤيده قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢). انتهى منه.

وهذه الأشياء الثلاثة المذكورة في هذا الحديث ما صرح الكتاب بحلها ولا حرمتها، وهي مندرجة في المسكوت عنها ظاهرًا، وهذا هو الظاهر الموافق للفظ الحديث.

بقي في الحديث إشكال؛ وهو أن الحديث بظاهره يقتضي ألا يثبت شيء من الحلال والحرام بالسنة، وهو خلاف الواقع، وخلاف ما يعطيه حديث: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ... " الحديث.

وقد ذم صلى الله عليه وسلم من لم يأخذ بما حرم في الحديث، ويعتذر


(١) سورة الجشر: (٧).
(٢) سورة البقرة: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>