للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال السندي: قوله: (أن سمرة باع خمرًا) الظاهر أنه باعها؛ لعدم علمه بالحديث، قوله: (قاتل الله سمرة) ليس المراد به: اللعن، وإنما المراد به: إظهار الغضب للتنبيه على أنه جهل في غير محله (فجملوها) أي: أذابوها؛ يقال: جمل الشحم؛ من باب نصر، وأجمله؛ إذا أذابه واستخرج دهنه.

قال الخطابي: أذابوها حتى تصير ودكًا، فينفك عنها اسم الشحم، وفي هذا إبطال كل حيلة يتوصل بها إلى محرم، وأنه لا يتغير حكمه بتغيير هيئته وتبديل اسمه.

قوله: (فجملوها فباعوها وأكلوا أثمانها) بالحيلة المذكورة من إذابة الشحم، واستدل به من حرم استعمال الحيل مطلقًا، والحق - كما قال الألوسي في "روح البيان" (٢٣/ ٢٠٩) تحت قوله تعالى: {فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} - أن الحيلة إذا أوجبت إبطال حكمة شرعية .. لا تقبل؛ كحيلة سقوط الزكاة وسقوط الاستبراء، وأما إذا توصل بها الرجل إلى ما يجوز فعله، أو دفع المكروه بها عن نفسه أو عن غيره .. فلا بأس بها.

وقال السرخسي رحمه الله تعالى في كتاب الحيل من "المبسوط" (٢٠/ ٢١٠): فالحاصل: أن ما يتخلص به الرجل من الحرام، أو يتوصل إلى الحلال من الحيل .. فهو حسن، وإنما يكره ذلك أن يحتال في حق الرجل حتى يبطله، أو في باطل حتى يموهه، أو في حق حتى يدخل فيه شبهه؛ فما كان على هذا الطريق .. فهو مكروه، وما كان على السبيل الذي قلنا أولًا .. فلا بأس به، واستدل على جواز الحيلة المشروعة بقوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (١)؛ فإن ذلك تعليم حيلة، وبقوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ


(١) سورة ص: (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>