بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} (١)؛ فإنه حيلة، وجاء السرخسي بعدة أحاديث وآثار تدل على جوازها.
وقال صاحب "التكملة": ومن أقوى ما يدل على جواز الحيلة المشروعة ما أخرجه الشيخان والنسائي عن أبي سعيد وأبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلًا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال:"أكل تمر خيبر هكذا؟ " قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، قال:"لا تفعل ذلك، ولكن بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا" كما ذكره مسلم في باب بيع الطعام مثلًا بمثل، وإنما هو تعليم حيلة للتوصل إلى طريق حلال، فما كان هذا القبيل .. فهو جائز قطعًا، وأما حيلة اليهود في تحليل السبت وبيع الشحوم وأكل ثمنها .. فكانت من قبيل إبطال الحكمة الشرعية؛ فإن الشريعة قصدت منعهم عن الصيد يوم السبت وعن أكل الشحوم وبيعها، ففعلوا ما حصل منه ذلك بعينه، وإنما غيروا الطريق أو التعبير، وقدمنا أن مجرد تغيير الاسم لا يؤثر في حل الشيء وحرمته حتى تتغير حقيقته، فمن أجل ذلك عابهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.
وزاد أبو داوود وأحمد في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قوله:(وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء .. حرم عليهم ثمنه) فاستدل به من حرم بيع كل محرم الأكل.
وأجاب عنه المارديني في "الجوهر النقي": (إذا حرم أكل شيء .. حرم ثمنه) خرج على شحوم الميتة التي حرم أكلها والانتفاع بشيء منها، وكذا الخمر، أي: إذا حرم أكل شيء ولم يبح الانتفاع به .. حرم ثمنه، ولم يعن ما