وممن جوز الخليطين قبل الإسكار: الإمام البخاري حيث قال: (باب مَنْ رأى ألا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرًا وألا يجعل إدامين في إدام).
وهذه الترجمة أيضًا تُشعر بما قال أئمتنا، وكذلك قال بعض أصحاب مالك: إن الخليطين حلال، وقد احتج له بحديث عائشة المذكور آنفًا، وما قال الأبي والسنوسي: إن ما ذكرَ أبو حنيفة من أن ما حل مفردًا حل مجموعًا قياس فاسدُ الوضع، ويُرد بالأختين؛ فإنه يجوز نكاح كل واحدة منهما على انفرادها، ويحرم الجمع بينهما .. اعتراضٌ واهٍ؛ لأن ما قال الإمام أبو حنيفة قاعدة كلية لا قياس، وحرمة جمع الأختين مستثناة منها بنص مخصوص، وكذلك خارجة من سنن القياس. انتهى.
قال العيني: وممن يرى جواز الخليطين قبل الإسكار أبو حنيفة وأبو يوسف قالا: وكل ما حل إذا طبخ على الانفراد .. كذلك حل إذا طبخ مع غيره، ويروى مثل ذلك عن ابن عمر والنخعي. انتهى.
قلت: وما قاله النووي أن الكراهة في أحاديث النهي كراهة تنزيه .. يجمع به بين الروايات المتعارضة، والأقوال المتخالفة، فما ورد منها في إثبات الخلط .. محمول على الإباحة، وأحاديث الباب محمولة على كراهة التنزيه؛ وذلك خوفًا من الإسراع إلى الإسكار، وإن المكروه قسم من المباحات، فلا معارضة، والله أعلم.
قال القاضي: إنما نهى عن الخلط وجوز انتباذ كل واحد على حدة؛ لأنه ربما أسرع التغير إلى أحد الجنسين فيفسد الآخر، وربما لم يظهر فيتناوله محرمًا.
وقال النووي: سبب الكراهة فيه أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن