وقال بعض المالكية: هو حرام، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهة فيه ولا بأس به؛ لأن ما حل مفردًا حل مخلوطًا، وأنكر عليه الجمهور، وقالوا: هذا منابذة لصاحب الشرع؛ فقد ثبتت الأحاديث الصَّحيحة الصريحةُ في النهي عنه، فإن لم يكن حرامًا .. كان مكروهًا.
واختلف أصحاب مالك في أن النهي هل يختص بالشرب أم يعمه وغيره؟ والأصح التعميم، وأما خلطهما في الانتباذ، بل في معجون وغيره .. فلا بأس به، والله أعلم. انتهى.
قال العيني بعدما حكى قول النووي هذا: قلت: هذه جرأة شنيعة على إمام أجل من ذلك، وأبو حنيفة لم يكن قال ذلك برأيه، وإنما مستنده في ذلك أحاديث؛ منها: ما رواه أبو داوود بسنده عن عائشة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتبذ له زبيب فَيُلْقَى فيه تمرٌ، أو ينتبذ له تمر فيلقى فيه زبيب).
وروي أيضًا عن زياد الحساني بسنده عن صفية بنت عطية عن عائشة قالت:(كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب، فألقيه في الإناء فأَمْرسُهُ، ثم أسقيه النبي صلى الله عليه وسلم).
وروى محمد بن الحسن في كتاب "الآثار" أخبرنا أبو حنيفة عن أبي إسحاق وسليمان الشيباني عن ابن زياد أنه أفطر عند عبد الله بن عمر، فسقاه شرابًا، فكأنه أخذ منه، فلما أصبح .. غدا إليه، فقال له: ما هذا الشراب؟ ما كنت أهتدي إلى منزلي، فقال ابن عمر: ما زدناك على عجوة وزبيب. انتهى.
قلت: هذه الأحاديث صريحة في أن الخليطين مباح ما لم يسكر؛ وحمل بعض علمائنا حديث النهي على ابتداء الإِسْلَام وزمنِ القحط.