وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينبذ) ويلقى ويبل الزبيب ونحوه (في) الإناء (المزفت) أي: المطلي بالزفت (و) أن ينبذ في (القرع) أي: الدباء واليقطين؛ لسرعة إسكاره.
قال النووي: معنى النهي عن هذه الأواني الأربع: هو أنه نهى عن الانتباذ فيها؛ والانتباذ: أن يجعل في الماء حبات من تمر أو زبيب أو نحوهما؛ ليحلو ويشرب، وإنما خصت هذه الأواني بالنهي؛ لأنه يسرع إليه الإسكار فيها فيصير حرامًا نجسًا فتبطل ماليته، فنهى عنه لما فيه من إتلاف المال، ولأنه ربما شربه بعد إسكاره من لم يطلع عليه. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".
وقال أيضًا: وإنما لم ينه عن الانتباذ في أسقية الأدم، بل أذن فيها؛ لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر، بل إذا صار مسكرًا .. شقها غالبًا. انتهى.
وقال القاري: المراد بالنهي عن هذه الأربع ليس استعمالها مطلقًا، بل النقيع فيها والشرب منها ما يسكر، وإضافة الحكم إليها خصوصًا؛ إما لاعتيادهم استعمالها في المسكرات، أو لأنها أوعية تسرع بالاشتداد فيما يستنقع فيها؛ لأنها غليظة لا يترشح منها الماء، ولا ينفذ فيها الهواء، فلعلها تغير النقيع في زمان قليل، ويتناوله صاحبه على غفلة، بخلاف السقاء؛ فإن التغير فيه على مهل، والدليل على ذلك ما روي أنه قال:"نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرًا".
وقيل: هذه الظروف كلها مختصة بالخمر، فلما حرمت الخمر .. حرم النبي