للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ

===

(وأوكوا) أي: اربطوا فم (السقاء) أي: القربة بوكاء، أمر من الإيكاء، وهو أن يشد فم السقاء المشتمل على الماء والمائعات؛ كاللبن والخل بوكاء؛ وهو الخيط (وأطفئوا السراج) - بهمزة قطع وفاء مكسورة فهمزة مضمومة - أمر من الإطفاء؛ وهو إعدام لهبها؛ كإطفاء الشموع (وأغلقوا الباب) أمر من الإغلاق؛ أي: اجعلوه مغلقًا بغلق، قال ابن دقيق العيد: في الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية: حراسة الأنفس والأموال من أهل العبث والفساد، لا سيما الشياطين.

وقوله: (فإن الشيطان لا يحل) - بضم الحاء المهملة - أي: لا يفك ولا - يفتح (سقاء) وقربة أوكي وشد فمه (ولا يفتح بابًا) مغلقًا (ولا يكشف إناء) غُطي وستر فمه؛ إشارة إلى أن الأمر بالإغلاق؛ لمصلحة إبعاد الشيطان عن الاختلاط بالإنسان، وخصه بالتعليل: تنبيهًا على أنَّه ممَّا يَخْفَى، مما لا يُطلَعُ عليه إلا من جانب النبوة، واللام في (الشيطان) للجنس، إذ ليس المراد فردًا بعينه، كذا في "فتح الباري" (١١/ ٨٧).

قال القرطبي: جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية؛ نظير قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (١)، وليس هو الأمر الذي قصد به الإيجاب، وغايته أن يكون من باب الندب، بل قد جعله كثير من الأصوليين قسمًا منفردًا بنفسه عن الوجوب والندب. انتهى.

(فإن لم يجد أحدكم) ما يغطي به الإناء ولم يتمكن منه (إلا أن يعرض)


(١) سورة البقرة: (٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>