للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا، وَزَعَمَ أَنَسٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا.

===

(أنه) أي: أن أنس بن مالك (كان يتنفس) أي: يقطع نفسه (في) داخل (الإناء) وقت شربه الماء ويتنفس خارجه (ثلاثًا) من المرات وقت شربه، أي: لا يشرب دفعة واحدة بنفس واحد؛ أي: يشرب ثلاث مرات بنفسه خارج الإناء في كل مرة، قال المازري في "شرح مسلم" أي: يقطع شربه بأن يبين القدح من فيه، لا أنه يتنفس ثلاث مرات داخل القدح؛ لأنه صحت الأحاديث بالنهي عن ذلك وعن النفخ في الطعام والشراب (وزعم أنس) أي: قال وحدث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان) يشرب الماء ثلاث مرات، و (يتنفس في) خارج (الإناء ثلاثًا) من المرات لا في داخله.

قال المازري: وحمل بعضهم هذا الحديث على ظاهره؛ وهو أن يتنفس في الإناء ثلاثًا، وقال: فعل ذلك؛ لبيان الجواز، ومنهم من علل جوازه ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يكن يتقذر منه شيء، بل الذي يتقذر مِن غيره يُستطاب منه؛ فإنهم كانوا إذا بزق أو تنخع .. تدلكوا بذلك، وإذا توضأ .. اقتتلوا على فضل وضوئه، إلى غير ذلك مما في هذا المعنى.

قلت: وحمل هذا الحديث على هذا المعنى الثاني ليس بصحيح؛ بدليل بقية الحديث؛ فإنه قال فيها: "إنه أروى وأبرأ وأمرأ" وهذه الثلاثة الأمور إنما تحصل بأن يشرب في ثلاثة أنفاس خارج القدح؛ فأما إذا تنفس في الماء وهو يشرب .. فلا يأمن الشرق، ويحصل تقذير الماء، وقد لا يروى إذا سقط من بزاقه شيء أو خالطه من رائحة نفسه إن كانت هنالك رائحة.

وعلى هذا المعنى الأول حمل الجمهور الحديث، وهو الصواب إن شاء الله تعالى؛ نظرًا إلى المعنى، ولبقية الحديث، ولقوله للرجل: "أَبِنِ القدَحَ عن

<<  <  ج: ص:  >  >>