في كونها مذيبة للبدن ومعذبة له بنار جهنم؛ ففيه تنبيه للنفوس على شدة حر جهنم، أعاذنا الله منها ومن سائر المكاره في الدنيا والآخرة بمنه وكرمه آمين، والأول أولى.
قال الطيبي: ليست (من) هنا بيانية حتى يكون تنبيهًا؛ كقوله تعالى:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}(١) بل هي هنا: إما ابتدائية؛ أي: إن الحمى نشأت وحصلت من فيح جهنم وحرارتها، أو تبعيضية؛ أي: إن الحمى بعض من فيح جهنم وحرارتها، قال: ويدل على هذا التأويل ما في الصحيح: (اشتكت النار إلى ربها، فقالت: رب؛ أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسين؛ نفس في الشتاء، ونفس في الصيف) وكما أن حرارة الصيف من فيحها .. كذلك الحمى.
(فابردوها) - بهمزة وصل وبضم الراء - يقال: بردت الحمى أبردها بردًا؛ من باب نصر: أسكنت حرارتها، وأطفأت لهبها؛ كما في الرواية الأخرى:(فاطفئوها بالماء) وقد أخطأ من قال: (فأبردوها) - بقطع الهمزة - وذكر النووي أنها لغة رديئة، وفي الرواية الأخرى:(فأطفئوها) بالهمزة رباعيًّا من أطفأ؛ أي: أزيلوا حرارتها (بالماء) أي: ببرودة الماء البارد.
واعلم: أن الحمى حرارة غريبة تشتعل في القلب وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلي جميع البدن؛ وهي قسمان:
١ - عَرَضِيّةٌ؛ وهي الحادثة من ورم أو حركة أو إصابة حرارة الشمس أو القبض الشديد ونحوها.
٢ - ومَرَضيَّةٌ؛ وهي ثلاثة أنواع: وتكون عن مادة، ثم منها ما يسخن جميع