وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنها) أي: أن أسماء (كانت تؤتى) وتجاء - بالبناء للمجهول - (بالمرأة الموعوكة) أي: المحمومة المضطربة لشدة حرارة الحمى بها، يقال: وُعك المرء - بالبناء للمفعول - إذا أصابته الحمى (فتدعو) أسماء (بالماء) البارد (فتصبه) أي: ذلك الماء (في جيبها) أي: في جيب المرأة الموعوكة؛ والجيب - بفتح الجيم وسكون الياء -: هو ما ينفتح من القميص من النحر إلى أسفل الصدر.
(وتقول) أسماء إذا سئلت عن سبب ذلك الصب: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابرُدُوها) أمر؛ من برد الثلاثي؛ من باب نصر؛ أي: أطفئوا حرارة تلك الحمى (بالماء) البارد (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: (إنها) أي: إن شدة حرارة الحمى قطعة (من فيح جهنم) أي: من شدة حرارة جهنم، وهذا الذي فعلته أسماء طريق من طرق العمل بأحاديث الباب، وقد ثبتت فائدته بالتجربة الحديثة عند أطباء العصر الحديث، ولا شك في صحة ما قاله صلى الله عليه وسلم من أن الحمى تعالج بالماء البارد، ولكن الذي ينبغي لكل أحد في وقائع جزئية أن يرجع إلي طبيب حاذق؛ ليعالج مرضه في ضوء مواصفاته الشخصية؛ لأن المعالجات تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال.
قوله:"فابردوها" - بهمزة وصل في أوله وضم الراء - على أنه أمر؛ من برد يبرد؛ من باب نصر، وهو الضبط الراجح الذي اختاره النووي، والقاضي عياض والقرطبي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم.