تنبعث من عينه قوة سمية، تتصل بالمعين فيهلك أويفسد.
قالوا: ولا يمتنع هذا؛ كما لا يمتنع انبعاث قوة سمية من الأفعى والعقرب، تتصل باللديغ فيهلك، وإن كان غير محسوس لنا، فكذا العين.
قال: وهذا غير مسلم؛ لأنا بينا في كتب علم الكلام أن لا فاعل إلا الله تعالى، وبينا فساد القول بالطبائع، وبينا أن المحدث لا يفعل في غيره شيئًا، وإذا تقرر هذا .. بطل ما قالوه.
قال: وأقرب طريقة قالها من ينتحل الإسلام منهم أن قالوا: لا يبعد أن تبعث جواهر لطيفة غير مرئية من العين، فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه، فيخلق الله سبحانه وتعالى الهلاك عندها؛ كما يخلق الهلاك عند شرب السم عادة أجراها الله تعالى، وليست ضرورةً ولا طبيعةً إلجاء العقل إليها.
ومذهب أهل السنة: أن العين إنما تفسد أو تهلك عند نظر العائن بفعل الله تعالى أجرى الله سبحانه وتعالى العادة أن يخلق الضرر عند مقابلة هذا الشخص آخر، وهل ثم جواهر خفية أم لا؟ هذا من مجوزات العقول، لا يُقطع فيه بواحد من الأمرين، وإنما يقطع بنفي الفعل عنها، وبإضافته إلى الله تعالى؛ فَمَنْ قطع من أطباء الإسلام بانبعاث الجواهر .. فقد أخطأ، وإنما هو من الجائزات. انتهى من "تحفة الأحوذي" نقلًا عن المازري شارح "صحيح مسلم".
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة التالي لهذا الحديث، وفي "مسلم" و"الترمذي" من حديث ابن عباس؛ أخرجه الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء أن العين حق