كلامه ذلك؛ لما يتضمنه من الحالة المكروهة، وهذا نوع من أدب الكلام يكتفى به دون المكروه منه بالإشارة، فلا يضرب لنفسه مثل السوء.
قال الخطابي: معناه: إلا من قد يعتريه ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه، فحذف اختصارًا للكلام، واعتمادًا على فهم السامع. انتهى.
قال السيوطي: يسمى في البديع بالاكتفاء، وهذه الجملة الأخيرة؛ أي: من قوله: (وما منا. . .) إلى آخره. . ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما من قول عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وهو الصواب.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: الفرق بين الطيرة والتطير: أن التطير هو الظن السيئ الذي في القلب، والطيرة هو الفعل المرتب على الظن السيئ.
(ولكن الله) عز وجل (يذهبه) أي: يذهب ذلك الشرك الذي هو الطيرة (بالتوكل) أي: بسبب الاعتماد عليه والاستناد إليه سبحانه.
وحاصله: أن الخطرة ليس بها عبرة؛ فإن وقعت غفلةً. . لا بد من رجعة، والله أعلم. انتهى من "العون".
قال السندي: قوله: "شرك" إذا اعتقد لها تأثيرًا؛ أو معناه: أنها من أعمال أهل الشرك، أو مفضية إليه باعتقادها مؤثرة، أو المراد: الشرك الخفي.
(وما منا إلا) أي: وما منا أحد إلا ويعتريه شيء ما منه في أول الأمر قبل التأمل، وقد ذكر كثير من الحفاظ أن جملة قوله:(وما منا. . .) إلى آخره من كلام ابن مسعود مدرج في الحديث، ولو كان مرفوعًا. . كان المراد: وما منا؛ أي: من المؤمنين من الأمة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطب، باب في الخط وزجر الطير، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في الطيرة، قال