للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى) أي: لا مجاوزة للعلة والمرض من صاحبها إلى غيره بالمجاورة والقرب، وهذا الكلام يحتمل أن المراد به: نفي ذلك وإبطاله من أصله، وعبارة "الكوكب": أي: لا سراية لمرض عن صاحبه إلى غيره.

(ولا طيرة) في الشرع؛ أي: لا تشاؤم بالفعلة السيئة ولا بالمقالة القبيحة، وقيل: معناه: لا تشاؤم بمرور الطير إلى جهة اليسار، وأصله فيما قالوا: إن العرب كانوا في الجاهلية إذا خرجوا لحاجةٍ، فإن رأوا الطير عن يمينهم أو الظباء تمر على يمينهم. . فرحوا به واستمروا في حاجتهم، وإن طار عن يسارهم. . تشاءموا به ورجعوا، ورُبَّما هَيَّجُوا الطَيْر لِتَطِيرَ، فيعتمدوا على ذلك، فكان ذلك يَصدُّهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرعُ وأبطلَه، ونهى عنه وأخبر أنه لا تأثيرَ له في جَلْبِ نفعٍ ولا في دفع ضر.

قال البوصيري: والطيرة منشؤها عِيافةُ الطير وزَجْرُها؛ فإن طارت تُجاهَ اليمن. . تفاءلوا بالخير، ومنه اشتقت كلمة التيامن، وإن طارت باتجاه الشام. . كان فألًا رديئًا، ومنه اشتقت كلمة التشاؤم، وأصل التيامن: أنَّ أصل العرب من اليَمَنِ وكانت كلُّ الهِجْرَات منهم باتجاهِ الشمال منه، فما طار صوب الوطن الأصلي. . حصل معه الحب والحنين للوطن، فكان فأل خير، وما طار صوب مناطق الهجرة. . كان فيه إحساس الغربة، فكان الفأل الرديء، ثم نسي الناس أصل هذه الفكرة، وبقيت العادة في عيافة الطير وزجره.

والتيامن والتشاؤم كل هذا منهي عنه؛ لأن الكهانة ادعاء معرفة الغيب وما سيكون، ولا يعرف الغيب إلا الله وحده، وقد حرم الإسلام العمل بهذه الأمور؛

<<  <  ج: ص:  >  >>