لأنها من أبواب السحر، وقد بسطنا الكلام على هذا في شرح المقدمة من هذا الكتاب، فراجعها.
(ولا هامة) أي: ولا تشاؤم بصياح الهامة والبومة في القرية ليلًا أو جنب الدار؛ والهامة بتخفيف الميم على الصحيح المشهور عند الجمهور، وقال جماعة منهم: بتشديدها؛ أي: لا تشاؤم بالبومة، ولا حياة لهامة الموتى؛ إذ كانوا يزعمون أن عظم الميتة يصير هامة ويحيا ويطير.
(ولا صفر) أي: ولا تشاؤم بدخول شهر صفر في الشرع؛ أي: لما يتوهمون أن فيه تكثر الدواهي والفتن، وقيل: إن الصفر حية في البطن تهيج عند جوع صاحبها، وربما قتلت صاحبها، وكانت العرب ترى أنها أعدى من الجرب، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: "ولا صفر" والمعنى عليه: لا سراية لصفر من صاحبه إلى غيره؛ كما تزعمه العرب.
قوله أيضًا: "ولا هامة" أي: لا تشاؤم بنزول الهامة في القرى أو جنب الدار في الليل وصياحها؛ لأنهم يزعمون أن ذلك يدل على موت صاحب القرية ورئيسها أو صاحب الدار إذا صاحت جنب الدار، وقيل: هي دابة تخرج من رأس القتيل ظلمًا، أو تتولد من دمه، فلا تزال تصيح في الليل جنب داره حتى يؤخذ بثأره، كذا تزعمه العرب، فكذبهم الشرع. انتهى "مناوي".
وفي "المرشد": الهامة - بتخفيف الميم وجوز تشديدها -: هي دابة تظهر في الليل وتختفي في النهار، من الطيور لها جناح كجناح الطيور، ووجه كوجه الهرة، في الأرميا:(أرنغو). انتهى منه.
وقد نفى الإسلام هذه العقائد الباطلة التي هي من عقائد الجاهلية، فكذبهم الشرع. انتهى "مناوي".