حدّثنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي بن يعقوب قال: انحدر القضاة والفقهاء وكبار العلماء من بغداد إلى واسط لاستقبال بعض الملوك الواردين إلى بغداد- سماه أبو العلاء فذهب علىّ اسمه- وفيهم ابن صبر، فسئلوا بواسط عن حادثة نزلت فأفتوا بموجب حكمها، وكتبوا خطوطهم بذلك. ثم سئل ابن صبر أن يكتب خطه فامتنع، فقيل له: حكم هذه المسألة ظاهر، وليست من مشكلات المسائل، فأبى أن يكتب خطه بالفتوى، فانتهى الأمر إلى قاضي القضاة، فسأله عن سبب إمساكه فقال: إني صرفت عناني إلى علم الأصول، وهذه من مسائل الفروع. فقال قاضي القضاة:
ليست من المسائل المشكلة وحكمها ظاهر. فقال: أخشى إن أفتيت اليوم في هذه المسألة سئلت في غد في غيرها بما فيه غموض وإشكال. فاسترجح قاضي القضاة عقله، وصوّبه في فعله.
أنشدني عبد الصّمد بن محمّد الدّقّاق لبشر بن هارون في ابن صبر القاضي:
قل للدعى إلى صبر … وهب ادعيت فمن صبر
قرد بكلب يفتخر … بين القرود إذا افتخر
وكلاهما هذا على … هذا له عار وعر
فإذا تفاصح أو تبا … لغ جاءنا بأبى العبر
وإذا تطلس للقضا … ء فمرحبا بأبى العرر
وإذا دنا منه الخصوم … عموا برائحة البخر
فتصالحوا قبل الخصوم … ة هاربين من الخطر
فقضاؤه شر القضا … ء إذا قضى عمى البصر
ذكر هلال بن المحسن أن ابن أبا صبر مات في يوم الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة. قال: وكان مولده في سنة عشرين وثلاثمائة.
١١٢٥ - محمّد بن عبد الرّحمن بن حنشام، أبو الحسن البيّع (١):
سمع محمّد بن عبد الله بن غيلان الخرّاز، ومحمّد بن حمدويه المروزيّ، وأبا عبيد ابن المحامليّ، وغيرهم. وكان سافر إلى الشام فكتب عن شيوخها. حدّثنا عنه أبو بكر البرقاني. وأبو القاسم الأزهريّ.
وقال لنا البرقاني: كان ثقة.
(١) ١١٢٥ - هذه الترجمة برقم ٨٠٩ في المطبوعة