دجلة من الجانب الشرقي: فأوله بناء الحسن بن سهل، وهو قصر الخليفة في هذا الوقت. ودار دينار، دار رجاء بن أبي الضّحاك، ثم منازل الهاشميّين، ثم قصر المعتصم وقصر المأمون، ثم منازل آل وهب إلى الجسر كانت أقطاعا لناس من الهاشميّين، ومن حاشية الخلفاء، ولمدينة السّلام دروب ومواضع منسوبة إلى كور خراسان، ومواضع كثيرة منسوبة إلى رجال ليست بأقطاع لهم، وقيل: إن الدروب والسكك ببغداد أحصيت فكانت ستة آلاف درب وسكة بالجانب الغربي، وأربعة آلاف درب وسكة بالجانب الشرقي.
[ذكر دار الخلافة والقصر الحسني والتاج]
حدّثني أبو الحسين هلال بن المحسن قال: كانت دار الخلافة التي على شاطئ دجلة تحت نهر معلى، قديما للحسن بن سهل، ويسمّى القصر الحسني. فلما توفي صارت لبوران بنته، فاستنزلها المعتضد بالله عنها فاستنظرته أياما في تفريغها وتسليمها، ثم رمّتها وعمّرتها وجصّصتها وبيضتها وفرشتها بأجل الفرش وأحسنه، وعلقت أصناف الستور على أبوابها، وملأت خزائنها بكل ما يخدم الخلفاء به.
ورتبت فيها من الخدم والجواري ما تدعو الحاجة إليه، فلما فرغت من ذاك انتقلت وراسلته بالانتقال، فانتقل المعتضد بالله إلى الدار ووجد ما استكثره واستحسنه، ثم استضاف المعتضد بالله إلى الدار مما جاورها كلّ ما وسّعها به وكبّرها وعمل عليها سورا جمعها به وحصّنها، وقام المكتفي بالله بعده ببناء التاج على دجلة، وعمل وراءه من القباب والمجالس ما تناهى في توسعته وتعليته، ووافى المقتدر بالله فزاد عن ذلك، وأوفى مما أنشأه واستحدثه، وكان الميدان والثريّا، وكذا حير الوحوش متصلا بالدار.
كذا ذكر لي هلال بن المحسن: أن بوران سلمت الدار إلى المعتضد، وذلك غير صحيح لأن بوران لم تعش إلى وقت المعتضد.
وذكر محمّد بن أحمد بن مهديّ الإسكافي في تاريخه: أنها ماتت في سنة إحدى وسبعين ومائتين وقد بلغت ثمانين سنة، ويشبه أن تكون سلمت الدار للمعتمد على الله، والله أعلم.
حدّثني القاضي أبو القاسم على بن المحسن التّنوخيّ قال حدّثني أبو الفتح أحمد ابن على بن هارون المنجم قال حدّثني أبي قال قال: أبو القاسم على بن محمّد