فأخبرني أبو القاسم الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ابن عرفة قال: وفي هذه السنة- يعني سنة ثمان وعشرين ومائتين- عزل الواثق عبد الرّحمن بن إسحاق، وشعيب بن سهل، وولى الحسن بن علي بن الجعد مكان عبد الرّحمن على الغربي، وولى عبد الله بن محمّد الخلنجي الشرقية، وكان الخلنجي من المجردين للقول بخلق القرآن المعلنين به.
حدّثنا علي بن المحسن أن طلحة بن محمّد بن جعفر قال: عزل الواثق عبد الرّحمن بن إسحاق واستقضى عبد الله بن محمّد بن أبي يزيد الخلنجي، وكان من أصحاب أبي عبد الله بن أبي دؤاد، حاذقا بالفقه على مذهب أبي حنيفة واسع العلم ضابطا، وكان يصحب ابن سماعة، وتقلد المظالم بالجبل، فأخبر ابن أبي دؤاد أنه مستقل، عالم بالقضاء ووجوهه، فسأل عنه ابن سماعة فشهد له، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم فولاه قضاء همذان، فأقام نحوا من عشرين سنة لا يشكي، وتلطف له محمّد ابن الجهم في مال عظيم فلم يقبله، ولما ولى الشرقية ظهرت عفته وديانته لأهل بغداد، وكان فيه كبر شديد، وكتب إليه المعتصم في أن يمتحن الناس، وكان يضبط نفسه فتقدمت إليه امرأة فقالت: إن زوجي لا يقول بقول أمير المؤمنينفي القرآن ففرق بيني وبينه، فصاح عليها فلما كان في سنة سبع وثلاثين في جمادى عزله المتوكل وأمر أن يكشف ليفضحه بسبب ما امتحن الناس في خلق القرآن.
فأخبرني الطبري محمّد بن جرير قال: أقيم الخلنجي للناس سنة سبع وثلاثين ومائتين. قال طلحة وأخبرني عمر بن الحسن قال: كشف الخلنجي فما انكشف عليه أنه أخذ حبة واحدة.
أخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة، حدّثنا علي بن محمّد بن الفرات قال: لما تولى الخلنجي قضاء الشرقية كثر من يطالبه بفك الحجر، فدعا بالأمناء فقال لهم: من كان في يده منكم مال ليتيم فليشتر له منه مرّا وزبيلا يكون قبله، وليدفع إليه ماله فإن أتلفه عمل بالمرّ والزبيل. وقال ابن عرفة:
حدّثني داود بن علي قال: سمعت بعض شهود الخلنجي يقول: ما علمت أن القرآن مخلوق إلا اليوم. فقلت: وكيف علمت؟ أجاءك وحي؟! قال: سمعت القاضي يقول.