إسكاف أخذه العسس منذ ليال، يأمر الأمير بتخليته، فقال نعم وكل من أخذ في تلك الليلة إلى يومنا هذا، فأمر بتخليتهم أجمعين، فركب أبو حنيفة والإسكاف يمشي وراءه فلما نزل أبو حنيفة مضى إليه فقال: يا فتى أضعناك؟ قال: لا بل حفظت ورعيت جزاك الله خيرا عن حرمة الجوار ورعاية الحق، وتاب الرجل ولم يعد إلى ما كان.
[ما ذكر من وفور عقل أبي حنيفة وفطنته وتلطفه]
أخبرني أبو بشر الوكيل وأبو الفتح الضّبّيّ قالا: حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا مكرم بن أحمد، حدّثنا أحمد بن عطية قال: حدّثنا يحيى الحماني قال:
سمعت ابن المبارك يقول: قلت لسفيان الثوري: يا أبا عبد الله ما أبعد أبا حنيفة من الغيبة ما سمعته يغتاب عدوّا له قط. قال: هو والله أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهب بها.
أخبرني أبو الوليد الحسن بن محمّد الدربندي، أخبرنا محمّد بن أحمد بن محمّد ابن سليمان الحافظ- ببخاري- حدّثنا أبو حفص أحمد بن أجيد بن حمدان، حدّثنا علي بن موسى القمي قال: سمعت محمّد بن شجاع يقول: سمعت علي بن عاصم يقول: لو وزن عقل أبي حنيفة بعقل نصف أهل الأرض لرجح بهم.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ قال: سمعت أبا العبّاس أحمد بن هارون الفقيه يقول: حدثني محمّد بن إبراهيم السّرخسيّ قال:
حدّثنا سليمان بن الرّبيع النّهديّ الكوفيّ قال: سمعت همام بن مسلم يقول: سمعت خارجة بن مصعب- وذكر أبو حنيفة عنده- فقال: لقيت ألفا من العلماء فوجدت العاقل فيهم ثلاثة- أو أربعة- فذكر أبا حنيفة في الثلاثة- أو الأربعة- قال خارجة بن مصعب: من لا يرى المسح على الخفين، أو يقع في أبي حنيفة، فهو ناقص العقل.
أخبرنا الخلّال، أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم قال: حدّثنا محمّد بن علي بن عفّان، حدّثنا محمّد بن عبد الملك الدّقيقيّ قال: سمعت يزيد بن هارون يقول:
أدركت الناس فما رأيت أحدا أعقل، ولا أفضل، ولا أروع، من أبي حنيفة.
وقال النخعي: حدّثنا أبو قلابة قال: سمعت محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال:
كان أبو حنيفة ليتبين عقله في منطقه، ومشيته، ومدخله، ومخرجه.
أخبرنا علي بن القاسم الشّاهد- بالبصرة- حدّثنا علي بن إسحاق المادراني، حدّثنا أحمد بن محمّد الباهليّ، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن قال: كان رجل بالكوفة