حدّثني مسعود بن ناصر، أنبأنا ابن باكوا الشّيرازيّ قال: سمعت أبا زرعة الطّبريّ يقول: الناس فيه- يعني في الحسين بن منصور- بين قبول ورد، ولكن سمعت محمّد ابن يحيى الرّازيّ يقول: سمعت عمرو بن عثمان يلعنه ويقول: لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت أيش الذي وجد الشيخ عليه؟ قال: قرأت آية من كتاب الله فقال:
يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به.
قال: وسمعت أبا زرعة الطّبريّ يقول: سمعت أبا يعقوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الحسين بن منصور لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده، فبان لي بعد مدة يسيرة أنه ساحر محتال، خبيث كافر.
[ذكر بعض ما حكي عن الحلاج من الحيل]
أنبأنا عليّ بن أبي علي المعدّل عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق قال:
حدّثني غير واحد من الثقات من أصحابنا أن الحسين بن منصور الحلاج كان قد أنفذ أحد أصحابه إلى بلد من بلدان الجبل، ووافقه على حيلة يعملها، فخرج الرجل فأقام عندهم سنين يظهر النسك والعبادة، ويقرأ القرآن ويصوم، فغلب على البلد، حتى إذا علم أنه قد تمكن أظهر أنه قد عمى، فكان يقاد إلى مسجده، ويتعامى على كل أحد شهورا، ثم أظهر أنه قد زمن، فكان يحبو ويحمل إلى المسجد حتى مضت سنة على ذلك، وتقرر في النفوس زمانته وعماه، فقال لهم بعد ذلك: إني رأيت في النوم كأن النبي ﷺ يقول لي: إنه يطرق هذا البلد عبد لله صالح مجاب الدعوة، يكون عافيتك على يده وبدعائه، فاطلبوا لي كل من يجتاز من الفقراء، أو من الصّوفيّة، فلعل الله أن يفرج عني على يد ذلك العبد وبدعائه، كما وعدني رسول الله ﷺ، فتعلقت النفوس إلى ورود العبد الصّالح، وتطلعته القلوب، ومضى الأجل الذي كان بينه وبين الحلاج فقدم البلد فلبس الثياب الصوف الرقاق، وتفرد في الجامع بالدعاء والصلاة، وتنبهوا على خبره، فقالوا للأعمى، فقال احملوني إليه، فلما حصلعنده وعلم أنه الحلاج قال له: يا عبد الله إني رأيت في المنام كيت وكيت، فتدعو الله لي، فقال: ومن أنا وما محلي؟ فما زال به حتى دعا له ثم مسح يده عليه، فقام المتزامن صحيحا مبصرا! فانقلب البلد، وكثر الناس على الحلاج فتركهم وخرج من البلد، وأقام المتعامى المتزامن فيه شهورا. ثم قال لهم إن من حق نعمة الله عندي، ورده جوارحي عليّ أن أنفرد بالعبادة إفرادا أكثر من هذا، وأن يكون مقامي في الثغر، وقد عملت على