للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهدى الردى للثرى إذ نال مهجته … نجما على من يعادي الحق مصبوبا

كان الزمان به تصفو مشاربه … فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا

كلا وأيامه الغر التي جعلت … للعلم نورا وللتقوى محاريبا

لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا … ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبا

أوفى بعهد وأورى عند مظلمة … زندا وآكد إبراما وتأديبا

منه وأرصن حلما عند مزعجة … تغادر القلّبيّ الذهن منخوبا

إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة … أعاد منهجها المطموس ملحوبا

لا يعزب الحلم في عتب وفي نزق … ولا يجرع ذا الزلات تثريبا

لا يولج اللغو والعوراء مسمعه … ولا يفارق ما يغشيه تأنيبا

إن قال قاد زمام الصدق منطقه … أو آثر الصمت أولى النفس تهييبا

لقلبه ناظرا تقوى سما بهما … فأيقظ الفكر ترغيبا وترهيبا

تجلو مواعظه رين القلوب كما … يجلو ضياء سنا الصبح الغياهيبا

سيان ظاهره البادي وباطنه … فلا تراه على العلات مجدوبا

لا يأمن العجز والتقصير مادحه … ولا يخاف على الإطناب تكذيبا

ودّت بقاع بلاد الله لو جعلت … قبرا له فحباها جسمه طيبا

كانت حياتك للدنيا وساكنها … نورا فأصبح عنها النور محجوبا

لو تعلم الأرض ما وارت لقد خشعت … أقطارها لك إجلالا وترحيبا

كنت المقوّم من زيغ ومن ظلع … وفّاك نصحا وتسديدا وتأديبا

وكنت جامع أخلاق مطهرة … مهذبا من قراف الجهل تهذيبا

فإن تنلك من الأقدار طالبة … لم يثنها العجز عما عزّ مطلوبا

فإن للموت وردا ممقرا فظعا … على كراهته لا بدّ مشروبا

إن يندبوك فقد ثلّث عروشهم … وأصبح العلم مرثيا ومندوبا

ومن أعاجيب ما جاء الزمان به … وقد يبين لنا الدهر الأعاجيبا

أن قد طوتك غموض الأرض في لحف … وكنت تملأ منها السهل واللوبا

٥٩٠ - محمّد بن جمعة بن خلف، أبو قريش القهستانيّ (١):

كان ضابطا متقنا حافظا، كثير السماع والرحلة، جمع المسندين على الرجال


(١) ٥٩٠ - انظر: المنتظم لابن الجوزي ١٣/ ٢٥٤، والأنساب للسمعاني ١٠/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>