يغسل الموتى لورعه وزهده، واجتهاده في العبادة، ومتابعته السنة، حج معنا أبو إسحاق ومعه ابنه أبو سعيد وحدثا جميعا ببغداد. ثم انصرفا وتوفي أبو سعيد، وبقي أبو إسحاق يحدث، ويشهد، ويغسل الموتى، إلى أن توفي في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وهو ابن مائة سنة وثلاث وسنين.
٣١٦٠ - إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة، أبو إسحاق الفهريّ المدنيّ (١):
شاعر مفلق. فصيح مسهب، مجيد حسن القول، سائر الشعر، وهو أحد الشعراء المخضرمين، أدرك الدولتين الأموية والهاشمية، وقدم بغداد على أبي جعفر المنصور ومدحه فأجازه. وأحسن صلته، وكان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطّالبيين.
أخبرنا أبو القاسم الأزهري، وعبد الكريم بن محمّد بن أحمد الضّبيّ. قالا:
أخبرنا علي بن عمر الحافظ. قال: هرمة بن هذيل بن ربيع بن عامر بن صبح بن عدي بن قيس بن الحارث بن فهر، من ولده إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الشّاعر مقدم في شعراء المحدثين. قدمه محمّد بن داود بن الجراح على بشّار وأبي نواس وغيرهما.
أخبرني أبو القاسم الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ابن عرفة. قال: وفي هذه السنة- يعني سنة خمس وأربعين ومائة- تحول المنصور إلى مدينة السّلام واستتم بناءها سنة ست وأربعين ثم كتب إلى أهل المدينة أن يوفدوا عليه خطباءهم وشعراءهم، فكان فيمن وفد عليه إبراهيم بن هرمة. قال: فلم تكن في الدنيا خطبة أبغض إليّ من خطبة تقربني منه، واجتمع الخطباء والشعراء من كل مدينة، وعلى المنصور ستر يرى الناس من ورائه ولا يرونه، وأبو الخصيب حاجبه قائم يقول:
يا أمير المؤمنين هذا فلان الخطيب فيقول: اخطب. ويقول: هذا فلان الشّاعر. فيقول:
أنشد. حتى كنت آخر من بقي فقال: يا أمير المؤمنين هذا ابن هرمة، فسمعته يقول:
لا مرحبا ولا أهلا. ولا أنعم الله به عينا. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون! ذهبت والله نفسي، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: يا نفس هذا موقف إن لم تشتدي فيه هلكت فقال أبو الخصيب: أنشد فأنشدته: