من مشايخ الصّوفيّة. كان شديد الاجتهاد معروفا بالإيثار.
أخبرنا عبد الكريم بن هوازن قال: سمعت أبا عبد الرّحمن السّلميّ يقول:
سمعت أبا العبّاس البغداديّ يقول: سمعت محمّد بن عبد الله الزّعفرانيّ يقول:
سمعت أبا جعفر الحدّاد يقول: مكثت بضع عشرة سنة أعتقد التوكل، وأنا أعمل في السوق آخذ كل يوم أجرتي ولا أنتفع منها بشربة ماء، ولا بدخلة حمام، وكنت أجئ بأجرتي إلى الفقراء في الشونيزي وأكون على حالي.
أخبرنا محمّد بن علي بن الفتح، أخبرنا محمّد بن الحسين بن موسى الصّوفيّ- أبو عبد الرّحمن- قال: سمعت محمّد بن عبد الله الرّازيّ يقول: سمعت أبا عمر الأنماطيّ يقول: مكث أبو جعفر الحدّاد عشرين سنة يكسب كل يوم دينارا، يتصدق به- أو قال ينفقه- على الفقراء، وهو أشد الناس اجتهادا ويخرج بين العشاءين فيتصدق من الأبواب ولا يفطر إلا في وقت أحل الله عليه الميتة، وكان من رؤساء المتصوفة. قال أبو عبد الرّحمن: أبو جعفر الحدّاد الكبير بغدادي من أقران الجنيد ورويم، وكان أستاذ أبي جعفر الحدّاد الصغير.
حدثنا عبد العزيز الأزجي، حدثنا علي بن عبد الله الهمدانيّ، حدثني ابن إسماعيل الطلاء قال: حدثني أستاذي محمّد بن الهيثم قال: قال لي أبو جعفر الحدّاد: كنت أحب أن أدري كيف تجري أسباب الرزق على الخلق؟ فدخلت البادية بعض السنين على التوكل فبقيت سبعة عشر يوما لم آكل فيها شيئا؟ فضعفت عن المشي. فبقيت أياما أخر لم أذق فيها شيئا حتى سقطت على وجهي، وغشي عليّ، وغلب عليّ القمل شيئا ما رأيت مثله، ولا سمعت به. فبينا أنا كذلك إذ مر بي ركب فرأوني على تلك الحال، فنزل أحدهم عن راحلته فحلق رأسي ولحيتي وشق علىّ ثوبي وتركني في الرمضاء، وساروا فمر بي ركب آخر، فحملوني إلى حيهم وأنا مغلوب فطرحوني ناحية، فجاءتني امرأة وحلبت على رأسي وصبت اللبن في حلقي ففتحت عيني قليلا وقلت لهم أقرب موضع منكم أين؟ قالوا: جبل الشراة. فحملوني إلى الشراة. قال أبو جعفر: وحين سقطت وكنت قد قبضت على حصاة وجهدوا في البادية أن يفتحوا يدي فلم يطيقوا إذا هي حصاة كلما هممت برميها لم أجد إلى رميها سبيلا فدخلت بيت المقدس، فاجتمع حولي الصّوفيّة والحصاة في يدي أقلبها