في مجلس وفيه أبو العتاهية، والعبّاس بن الأحنف، وبكر بن النطاح، ومنصور النمري، والعتّابى، فقال المنصور: أنشدنا فأنشد مدائح الرّشيد، فقال أبو العتاهية لابن الأحنف: طرفنا بملحك فأنشد أبياته:
تعلّمت ألوان الرّضا خوف عتبة … وعلّمه حبّي له كيف يغضب
ولي غير وجه قد عرفت مكانه … ولكن بلا قلب إلى أين أذهب
فقال أبو العتاهية: الجيوب من هذا الشعر على خطر، ولا سيما إن سنح بين حلق ووتر، فقال بكر: قد حضرني شيء في هذا فأنشد:
أرانا معشر الشّعراء قوما … بألسننا تنعّمت القلوب
إذا انبعثت قرائحنا أتينا … بألفاظ تشقّ لها الجيوب
فقال العتّابى:
ولا سيّما إذا ما هيّجتها … بنان قد تجيب وتستجيب
قال النّضر: فما زلت معهم في سرور. وبلغ إسحاق الموصلي خبرنا فقال:
اجتماع هؤلاء ظرف الدهر!!.
أخبرني الأزهري حدّثنا محمّد بن حميد اللخمي حدّثنا الصّولى حدّثنا أحمد بن يزيد المبرد قال سمعت الحسن بن رجاء يقول: حضرت بكر بن النطاح ومعه جماعة من الشعراء، وهم يتناشدون، فلما فرغوا من طوالهم، أنشدهم:
ما ضرّها لو كتبت بالرّضا … فجفّ جفن العين أو غمضا
شفاعة مردودة عندها … في عاشق تندم لو قد قضى
يا نفس صبرا واعلمي أنّ ما … نأمل منها مثل ما قد مضى
لم تمرض الأجفان من قاتل … بلحظه إلّا لأن أمرضا
قال فابتدروه يقبلون رأسه. بلغني أن بكرا لما مات، رثاه أبو العتاهية فقال:
مات ابن نطّاح أبو وائل … بكر فأمسى الشّعر قد بانا
٣٥٢٧ - بكر بن يزيد الطّويل:
من أهل حمص. سكن بغداد وحدث بها عن أبي هريرة الحمصي، وعبد الرّحمن ابن يزيد بن جابر، وأبى بكر بن أبي مريم الغساني روى عنه أحمد بن حنبل، وعلى ابن المديني، وأبو سعيد الأشج.