الخروج إلى طرسوس، فمن كانت له حاجة تحملتها، وإلّا فانا أستودعكم الله، قال:
فأخرج هذا ألف درهم فأعطاه وقال اغز بها عني وأعطاه هذا مائة دينار، وقال:
أخرج بها غزاة من هناك، وأعطاه هذا مالا، وهذا مالا حتى اجتمع ألوف دنانير ودراهم، فلحق بالحلاج فقاسمه عليها.
حدّثنا عليّ بن أبي علي، حدّثني أبي قال: أخبرني أبو بكر محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الشّاهد الأهوازيّ قال: أخبرني فلان المنجم، وأسماه ووصفه بالحذق والفراهة- قال: بلغني خبر الحلاج وما كان يفعله من إظهار تلك العجائب التي يدعى أنها معجزات. فقلت: أمضي وأنظر من أي جنس هي من المخاريق، فجئته كأني مسترشد في الدين، فخاطبني وخاطبته ثم قال لي: تشه الساعة ما شئت حتى أجيئك به، وكنا في بعض بلدان الجبل التي لا يكون فيها الأنهار، فقلت له: أريد سمكا طريا في الحياة الساعة، فقال: افعل، اجلس مكانك فجلست، وقام فقال: أدخل البيت وأدعو الله أن يبعث لك به. قال: فدخل بيتا حيالي، وغلق بابه وأبطأ ساعة طويلة، ثم جاءني وقد خاض وحلا إلى ركبته وماء، ومعه سمكة تضطرب كبيرة، فقلت له: ما هذا؟ فقال:
دعوت الله فأمرني أن أقصد البطائح وأجيئك بهذه، فمضيت إلى البطائح فخضت الأهواز، فهذا الطين منها حتى أخذت هذه، فعلمت أن هذه حيلة، فقلت له: تدعني أدخل البيت فإن لم ينكشف لي حيلة فيه آمنت بك. فقال: شأنك، فدخلت البيت وغلقته على نفسي فلم أجد فيه طريقا ولا حيلة، فندمت، وقلت إن وجدت فيه حيلة فكشفتها؛ لم آمن أن يقتلني في الدار، وإن لم أجد طالبني بتصديقه، كيف أعمل؟
قال: وفكرت في البيت فرفعت تأزيره- وكان مؤزرا بإزار ساج- فإذا بعض التأزير فارغا، فحركت جسرية منه خمنت عليها فإذا هي قد انفلقت، فدخلت فيها فإذا هي باب ممر، فولجت فيه إلى دار كبيرة، فيها بستان عظيم، فيه صنوف الأشجار والثمار، والريحان، والأنوار التي هي وقتها وما ليس هو وقته مما قد غطى وعتق، واحتيل في بقائه. وإذا الخزائن مفتوحة فيها أنواع الأطعمة المفروغ منها والحوائج لما يعمل في الحال إذا طلب، وإذا بركة كبيرة في الدار فخضتها فإذا هي مملوءة سمكا كبارا وصغارا فاصطدت واحدة كبيرة وخرجت، فإذا رجلي قد صارت بالوحل والماء إلى حد ما رأيت رجله، فقلت: الآن إن خرجت ورأى هذا معي قتلني فقلت: احتال عليه في الخروج، فلما رجعت إلى البيت أقبلت أقول: آمنت وصدقت، فقال لي: ما لك؟
قلت: ما هاهنا حيلة، وليس إلّا التصديق بك. قال: فاخرج فخرجت وقد بعد عن