قال: فانقطع سليمان عن الركوب. فأمر الأمين بحبس أبي نواس، فلما طال حبسه كتب إليه هذه الأبيات واجتهد حتى وصلت إلى الأمين:
تذكّر أمين الله والعهد يذكر … مقامي وإنشاديك والنّاس حضّر
ونثري عليك الدّرّ يا درّ هاشم … فيا من رأى درّا على الدّر ينثر
أبوك الّذي لم يملك الأرض مثله … وعمّك موسى عدله المتخيّر
وجدّك مهديّ الهدى وشقيقه … أبو أمّك الأدنى أبو الفضل جعفر
وما مثل منصور يك منصور هاشم … ومنصور قحطان إذا عدّ مفخر
فمن ذا الّذي يرمي بسهميك في العلا … وعبد مناف والداك وحمير؟
تحسّنت الدّنيا بحسن خليفة … هو الصّبح إلّا أنّه الدّهر مسفر
أمين يسوس النّاس تسعين حجّة … عليه، له منه رداء ومئزر
يشير إليه الجود من وجناته … وينظر من أعطافه حيث ينظر
مضت لي شهور مذ حبست ثلاثة … كأنّي قد أذنبت ما ليس يغفر
فإن أك لم أذنب؟ ففيم عقوبتي … وإن كنت ذا ذنب؟ فعفوك أكبر
فلما قرأ محمّد هذه الأبيات. قال: أخرجوه وأجيزوه، ولو غضب ولد المنصور كلهم.
حدّثنا على بن أيّوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني أخبرني محمّد بن يحيى قال: مما يروى لمحمّد الأمين. وشهر من شعره. أنشدنيه له جماعة. وأنشدته أبا عبد الله المعتز، فلم يعرفه ثم قال لي بعد ذلك: قد وجدت الشعر عندي. قوله في خادمه كوثر، وقد رفعت إليه الأخبار بأن الناس يلومونه فيه وفي ترك النظر في أمور الناس:
ما يريد النّاس من صب … ب بمن يهوى كئيب
ليس إن قيس خليّا … قلبه مثل القلوب
كوثر ديني ودنيا … ى وسقمي وطبيبي
أعجز النّاس الّذي يل … حي محبّا في حبيب