فجذبت الدواة وعملت بحضرته:
أشبهت من أجله من كان يشبهه … وكلّ شيء من المعشوق معشوق
كذا رواه لنا البرقاني. وإنما هو أحببت من أجله:
حتّى حكيت بجسمي ما بمقلته … كأنّ سقمي من عينيه مسروق
فاستحسن ذلك ووصلني، ثم إن رجلا من الكتاب يعرف بالرحونى ادعى هذين البيتين، فعاتبته فقال هبهما لي. فقلت له: أخاف أن تمتحن بقولك مثلهما فلا تحسن.
فقال: قل أنت فعملت بحضرته:
إذا شكوت هواه قال ما صدقا … وشاهد الدّمع في خدّىّ قد نطقا
ونار قلبي في الأحشاء ملهبة … لولا تشاغلها بالجسم لاحترقا
يا راقد العين لا تدري بما لقيت … عين تكابد فيك الدّمع والأرقا
يكاد شخصي يخفي من ضنى جسدي … كأنّ سقمي من عينيك قد سرقا
فحلف أنه لا يدعى البيتين أبدا.
أنشدنا أبو الحسن على بن القاسم بن الحسن الشّاهد بالبصرة- قال أنشدنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي لنفسه:
شكى إليك ما وجد … من خانه فيك الجلد
لهفان إن شئت اشتكى … ظمآن إن شئت ورد
صبّ إذا رام الكرى … نبّهه لذع الكمد
يا أيّها الظّبي الّذي … تصرع عيناه الأسد
أما لأسراك فدى … أما لقتلاك قود؟
ماذا على من جار في … أحكامه لو اقتصد؟
ما ضرّه لو أنّه … أنجز ما كان وعد؟!
هان عليه سهري … في حبّه لمّا رقد
واها لغرّ غرّه … أنا وصلناه وصد
بمقلتيه حور … وقدّه فيه غيد
الرّاح في إبريقها … أكرم روح في جسد
فهاتها نصلح بها … من الزّمان ما فسد
فإنّ أيام الصّبى … عارية قد تسترد