حدّثنا عبد العزيز بن علي، حدّثنا علي بن عبد الله الهمذاني، حدّثنا محمّد بن علي بن المأمون قال: حدّثتنا فاطمة- خادمة أبي حمزة محمّد بن إبراهيم والجنيد بن محمّد وأبي الحسين النوري- وكانت تلقب زيتونة- قالت: جئت ذات يوم إلى النوري وكان يوما باردا شديد البرد والريح، فوجدته في المسجد وحده جالسا، فقلت له: أجيئك بشيء تأكله؟ فقال: نعم هاتي. قلت: أيش تشتهي أجيئك به؟ فقال:
خبز ولبن. فقلت: يوم مثل هذا بارد وأنت فقريب من المثلوج! أجيئك بغيره. فقال:
هذا فضول منك، هاتي ما أقوله لك. فجئته بخبز ولبن في قدح ووضعته بين يديه، وجعلت بين يديه خفة فيها نار، وهو يقلب النار بيده ويستدفئ، ثم أخذ يأكل الخبز باللبن، وكان إذا أخذ اللقمة يسيل اللبن على ذراعه، فيغسل سواد الدخان من ذراعه، فقلت في نفسي: يا رب؟ ما أوضر أولياءك! ترى ما فيهم واحد نظيف الثوب والبدن؟ فخرجت من عنده وجلست على دكان بالقرب من مسجد إبراهيم الخوّاص، وإلى جانبه بالقرب منه مجلس صاحب الشرطة. فبينا أنا جالسة إذا بامرأة قد ضربت بيدها إليّ وقالت: رزمتي أخذتها الساعة من بين يدي، وما أخذها غيرك. واجتمع علينا الناس- والمرأة تصيح- ما أخذ رزمتي غيرها، واتصل الكلام إلى صاحب الشرطة، فجاء أصحاب الشرطة وحملوني والمرأة معي متعلقة بي، فوجه بنا صاحب الشرطة إلى الوالي- يعني الأمير- وبلغ ذلك النوري، فخرج من المسجد وجاء على أثرنا، فلحقنا ونحن بين يدي الوالي، والمرأة تدعى عليّ رزمتها، فدخل النوري وقال للوالي: لا تتعرض لهذه المرأة فإنها بريئة، وعرّف الوالي بأبي الحسين النوري، فصاح الوالي: ما حيلتي ومعها خصمها. فقال له النوري: قد عرفتك وأنت أعلم وخرج، فبينما هم كذلك إذا بجارية سوداء قد أقبلت وقالت: يا امرأة خلى عنها، فقد حملت أنا الرزمة إلى البيت، قالت: ومن أين أخذتها؟ قالت: من بين يديك! فأخذ النوري بيدي وقال: قولي أنت ما أوضر أولياءك.
حدّثنا عبد الكريم بن هوازن القشيري النّيسابوريّ قال: سمعت أبا حاتم محمّد ابن أحمد بن يحيى السجستاني يقول: سمعت أبا نصر السّرّاج يقول: كان سبب وفاة أبي الحسين النوري أنه سمع هذا البيت:
لا زلت أنزل من ودادك منزلا … تتحيّر الألباب عند نزوله