أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمّد بن القاسم المخزومي، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي- إملاء- حدّثني أحمد بن العبّاس النوفلي قال: حدّثني أبو الحارث النوفلي- قال الصولي: وقد رأيت أبا الحارث هذا وكان رجل صدق- قال: كنت أبغض القاسم بن عبيد الله لمكروهنالني منه، فلما مات أخوه الحسن قلت على لسان ابن بسّام:
قل لأبي القاسم المرجّى … قابلك الدّهر بالعجائب
مات لك ابن وكان زينا … وعاش ذو الشّين والمعايب
حياة هذا كموت هذا … فليس تخلو من المصائب
قال الصولي: وإنما أخذه من قول أحمد بن يوسف الكاتب لبعض إخوانه من الكتاب، وقد ماتت له بنت وكان له أخ يضعّف فكتب إليه:
أنت تبقى ونحن طرّا فداكا … أحسن الله- ذو الجلال- عزاكا
فلقد جلّ خطب دهر أتانا … بمقادير أثقلت ببغاكا
عجبا للمنون كيف أتتها … وتخطّت عبد الحميد أخاكا
شملتنا المصيبتان جميعا … فقدنا هذه ورؤية ذاكا
قال الصولي: وإنما أخذه أحمد بن يوسف من قول أبي نواس في التسوية- وزاد في المعنى إرادة وكراهية- قال أبو نواس: لما مات الرشيد وقام الأمين، يعزي الفضل ابن الربيع:
تعزّ أبا العبّاس عن خير هالك … بأكرم حيّ كان أو هو كائن
حوادث أيّام تدور صروفها … لهنّ مساو مرّة ومحاسن
وفا الحيّ بالميت الّذي غيّب الثّرى … فلا أنت مغبون ولا الموت غابن
أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدّل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدنيا، حدّثنا الحسين بن عبد الرّحمن قال: أشرف أحمد بن يوسف وهو بالموت على بستان له على شاطئ دجلة فجعل يتأمله ويتأمل دجلة ثم تنفس وقال متمثلا:
ما أطيب العيش لولا موت صاحبه … ففيه ما شئت من عيب لعائبه (١)
قال: فما أنزلناه حتى مات.
(١) انظر: المنتظم ١٠/ ٢٥٢