في ناحية سوق العطش، وسموه المبارك، ويقال سمي المرضي، وذلك يوم الجمعة لخمس خلون من المحرم سنة اثنتين ومائتين، وأمه أم ولد يقال لها شكلة، وبها يعرف، فغلب على الكوفة والسواد. وخطب له على المنابر، وعسكر بالمدائن، ثم رجع إلى بغداد فأقام بها، والحسن بن سهل مقيم في حدود واسط خليفة المأمون، والمأمون ببلاد خراسان، لم يزل إبراهيم مقيما ببغداد على أمره يدعي بإمرة المؤمنين، ويخطب له على منبر بغداد، وما غلب عليه من السواد والكوفة، ثم دخل المأمون متوجها إلى العراق وقد توفي علي بن موسى الرضي، فلما أشرف المأمون على العراق، وقرب من بغداد، وضعف أمر إبراهيم بن المهديّ، وقصرت يده، وتفرق الناس عنه، فلم يزل على ذلك إلى أن حضر الأضحى من سنة ثلاث ومائتين، فركب إبراهيم في زي الخلافة يصلي بالناس صلاة الأضحى، وهو ينظر إلى عسكر علي بن هشام مقدمة المأمون، ثم انصرف من الصلاة فنزل قصر الرصافة وغدا الناس فيه، ومضى من يومه إلى داره المعروفة به، فلم يزل فيها إلى آخر النهار، ثم خرج منها بالليل فاستتر وانقضى أمره فكانت مدته منذ يوم بويع له بمدينة السّلام إلى يوم استتاره سنة وأحد عشر شهرا وخمسة أيام، وكانت سنه يوم بويع تسعا وثلاثين سنة وشهرين وخمسة أيام، واستتر وسنه إحدى وأربعون سنة وشهر والأيام، لأن مولده غرة ذي القعدة من سنة اثنتين وستين ومائة، وأقام في استتاره ست سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام، وظفر به المأمون لثلاث عشرة بقين من ربيع الآخر سنة عشر ومائتين، فعفا عنه واستبقاه ولم يزل حيّا ظاهرا مكرما إلى أن توفي.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا محمّد ابن أحمد بن البراء. قال: وفي سنة اثنتين ومائتين خالف إبراهيم بن المهديّ وبايع لنفسه، وفي سنة ثلاث خلع إبراهيم، وقدم المأمون بغداد في سنة أربع في صفر، وأخذ إبراهيم في سنة عشر.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمّد بن القاسم المخزومي، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العبّاس الصّولي، حدّثني عون بن محمّد قال: أنشدني إبراهيم بن المهديّ- وكان ينتقل في المواضع- فنزل بقرب أخت له، فوجهت إليه بجارية حسنة الوجه لتخدمه وقالت لها: أنت له. ولم يعلم إبراهيم بقولها ذلك فأعجبته فقال: