النّيسابوريّين. وسمع بالري من عبد الرّحمن بن أبي حاتم، وأحمد بن خالد الحروري. وسمع ببغداد من أبي حامد محمّد بن هارون الحضرميّ وطبقته. وسمع بالحجاز من أبي عبيد الله محمّد بن الرّبيع بن سليمان الجيزي المقرئ ونظرائه وسمع بسرخس من محمّد بن عبد الرّحمن الدغولي وأقرانه.
وكان ثقة ثبتا، مكثرا مواصلا للحج. انتخب عليه في بغداد أبو الحسن الدارقطني، وكتب عنه الناس بانتخابه علما كثيرا. وروى ببغداد مصنفات أبي العبّاس السّرّاج، مثل كتاب «التاريخ»، وكتاب «الإخوة والأخوات»، وغيرهما من كتبه. وروى أيضا «تاريخ البخاريّ الكبير»، وعدة من كتب مسلم بن الحجّاج.
حدّثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه، ومحمّد بن أبي الفوارس، وعلي بن أحمد الرزاز، وأبو علي بن شاذان، ومكي بن علي الجريري، وأحمد بن عبد الله المحامليّ، وأبو طالب بن غيلان، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهانيّ، وجماعة غيرهم.
وكان عند البرقاني عنه سفط- أو سفطان- ولم يخرج عنه في صحيحه شيئا، فسألته عن ذلك فقال: حديثه كثير الغرائب وفي نفسي منه شيء، فلذلك لم أرو عنه في الصحيح. فلما حصلت بنيسابور في رحلتي إليها سألت أهلها عن حال أبي إسحاق المزكي فأثنوا عليه أحسن الثناء، وذكروه أجمل الذكر، ثم لما رجعت إلى بغداد ذكرت ذلك للبرقاني فقال: قد أخرجت في الصحيح أحاديث كثيرة بنزول، وأعلم أنها عندي تعلو عن أبي إسحاق المزكي إلّا أني لا أقدر على إخراجها لكبر السن، وضعف البصر، وتعذر وقوفي على خطي لدقته- أو كما قال.
حدّثني أبو القاسم الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا البزّاز قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي يقول: أنفقت على الحديث بدرا من الدنانير، وقدمت بغداد في سنة ست عشرة لأسمع من ابن صاعد ومعي خمسون ألف درهم بضاعة، ورجعت إلى نيسابور ومعي أقل من ثلثها! أنفقت ما ذهب منها على أصحاب الحديث.
أخبرني محمّد بن علي المقرئ عن محمّد بن عبد الله الحافظ. قال: كان إبراهيم ابن محمّد بن يحيى المزكي من العبّاد المجتهدين الحجّاجين المنفقين على العلماء والمستورين. عقد له الإملاء بنيسابور سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وهو أسود الرأس واللحية، وزكى في تلك السنة، وكنا بعد في مجلسه أربعة عشر محدثا منهم أبو العبّاس الأصم، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو عبد الله الصّفّار، ومحمّد بن صالح، وأقرانهم.