من عنده قال لي: أي بني ذهب عناؤنا إلى هذا الشّيخ باطلا، الأشجعي كان رجلا فقيرا وكان يوصل، وقد رأيناه وسمعنا منه، من أين كان يمكنه أن يكون له نسختان؟
فلا تقل شيئا واسكت. فلم يزل أمره مستورا حتى حدّث بحديث أبي الزبير عن جابر في الرؤية، وأقبل يتبع كل حديث فيه رؤية يدعيه، فأنكر عليه ذلك يحيى بن معين لكثرة حديثه ما ادعى وتوقى أن يقول فيه شيئا. وحدث بحديث عوف بن مالك أن الله إذا تكلم تكلم بثلاثمائة لسان فقال يحيى: هذا الحديث أنكر على نعيم الفارض من أين سمع هذا من الوليد بن مسلم؟! فجاء رجل خراساني فقال: أنا دفعته إلى إبراهيم بن أبي اللّيث في رقعة تلك الجمعة. فقال يحيى: لا يسقط حديث رجل برجل واحد، فلما كان بعد قليل حدّث بأحاديث حمّاد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين: أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض، وضحك ربنا من قنوط عباده. حدّث بها عن هشيم بن بشير، عن يعلى بن عطاء، فقال يحيى بن معين: إبراهيم بن أبي اللّيث كذاب لا حفظه الله! سرق الحديث، اذهبوا فقولوا له يخرجها من أصل عتيق، فهذه أحاديث حمّاد بن سلمة لم يشركه فيها أحد، ولو حدّث بها عن هشيم، عن يعلى بن عطاء ليس فيها خير. قلنا: لعل هشيما أن يكون دلسها كما يدلس؟ فقال: هشيم أخبرنا يعلى بن عطاء علمنا أنه كذاب وكان يحيى إذا ذكره قال: أبو عراجة. وكان يجمع. قال أحمد بن الدورقي:
والذي أظن في أمر كتب الأشجعي أن إبراهيم بن أبي اللّيث خرج إلى مكة مع ولد أحمد بن نصر فمر بالكوفة، ومضى إلى عيال أبي عبيدة بن الأشجعي بعد موته، فاشترى كتب الأشجعي وقعد يحدث بها.
أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: صاحب الأشجعي كذاب خبيث، يسرق حديث الناس. جرير بن عثمان كتبه له أبو الدرداء، وأما ما روي عن المحاربي عن عاصم فإنه يكذب.
قال لي يحيى بن آدم: إن حديث عاصم عن أبي عثمان عن جرير ما رواه أحد إلّا عمار بن سيف.
قلت: يعني حديث جرير عن النبي ﷺ قال: «تبنى مدينة بين دجلة ودجيل»(١).