حدّثنا عتاهية بن أبي عتاهية قال: أقبل أبي يمدح المهديّ ويجتهد في الوصول إليه، فلما تطاولت أيامه أحب أن يشهر نفسه بأمر يصل به إليه، فلما بصر بعتبة راكبة في جمع من الخدم تتصرف في حوائج الخلافة، تعرض لها وأمل أن يكون تولعه بها هو السبب الموصل له إلى حاجته، وانهمك في التشبيب والتعرض في كل مكان لها، والتفرد بذكرها وإظهار شدة عشقها، وكان أول شعر قاله فيها:
راعني يا زيد صوت الغراب … بحذاري للبين من أحبابي
يا بلائي ويا تقلقل أحشا … ئي وتعسي لطائر نعّاب
أفصح البين بالنّعيب وما أفص … ح لي في نعيبه بالإياب
فاستهلّت مدامعي جزعا من … هـ بدمع ينهلّ بالتّسكاب
ومنعت الرّقاد حتّى كأنّي … أرمد العين أو كحلت بصاب
قلت للقلب إذ طوى وصل سعدى … لهواه البعيد بالأنساب
أنت مثل الّذي يقرّ من القطر … حذار النّدى إلى الميزاب
وهي طويلة وقال في عتبة:
ولقد طربت إليك حتّى … صرت من ألم التّصابي
يجد الجليس إذا دنا … ريح الصّبابة من ثيابي!!
وقال فيها أيضا:
وإني لمعذور على طول حبّها … لأنّ لها وجها يدلّ على عذري
إذا ما بدت والبدر ليلة تمّه … رأيت لها فضلا مبينا على البدر
وتهتز من تحت الثّياب كأنّها … قضيب من الرّيحان في ورق خضر
أبى الله إلّا أن أموت صبابة … بساحرة العينين طيّبة النّشر
وتبسم عن ثغر نقىّ كأنّه … من اللّؤلؤ المكنون في صدف البحر
يخبّرني عنه السّواك بطيبه … ولست به لولا السّواك بذي خبر
أخبرني القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبريّ، أخبرنا المعافى بن زكريّا، حدّثنا أحمد بن إبراهيم الطّبريّ، حدّثنا علي بن محمّد بن أبي عمرو البكري بن بكر ابن وائل، حدّثني علي بن عثمان قال: حدّثني أشجع السّلميّ. قال: أذن لنا المهديّ