ابن إسحاق قاضيا على عسكر المهديّ إلى سنة خمس وخمسين ومائتين، فإن المهتدي محمّد بن الواثق قبض على حمّاد بن إسحاق أخي إسماعيل بن إسحاق وضربه بالسياط، وأطاف به على بغل بسر من رأى لشيء بلغه عنه، وصرف إسماعيل بن إسحاق عن الحكم- واستتر- وقاضي القضاة كان بسر من رأى- الحسن بن محمّد ابن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثم صرف عن القضاء في هذه السنة وولى القضاء عبد الرّحمن بن نائل بن نجيح، ثم رد الحسن بن محمّد في هذه السنة إلى القضاء، ثم استقضى المهتدي على الجانب الشرقي القاسم بن منصور التّميميّ نحو سبعة أشهر، وكان قليل النفاذ، ثم قتل المهتدي بالله في رجب سنة ست وخمسين ومائتين- وقيل سموه- وأخرج، فصلى عليه جعفر بن عبد الواحد بعديومين من العقد للمعتمد على الله، وعلى قضاء القضاة بسر من رأى الحسن بن محمّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، فأعاد المعتمد إسماعيل بن إسحاق على الجانب الشرقي ببغداد، وذلك في رجب سنة ست وخمسين ومائتين فلم يزل على القضاء بالجانب الشرقي إلى سنة ثمان وخمسين ومائتين، وغلب على الموفق، ثم سأله أن ينقله إلى الجانب الغربي، وكان على قضاء الجانب الغربي بالشرقية- وهو الكرخ- البرتي. وعلى مدينة المنصور أحمد ابن يحيى بن أبي يوسف القاضي فأجابه إلى ذلك وكره ذلك قاضي القضاة ابن أبي الشوارب، فاجتهد في ترك البرتي وأحمد بن يحيى فما أمكنه لتمكن إسماعيل من الناصر، فأجيب إسماعيل إلى ما سأل ونقل البرتي عن قضاء الشرقية إلى الجانب الشرقي، ولم يزل على القضاء بالجانب الشرقي وإسماعيل بن إسحاق على الجانب الغربي بأسره إلى سنة اثنتين وستين ومائتين، ثم جمعت بغداد بأسرها لإسماعيل بن إسحاق وصرف البرتي، وقلد المدائن والنهروانات وقطعة من أعمال السواد، وكان الحسن بن محمّد بن أبي الشوارب قد توفي سنة إحدى وستين ومائتين بمكة بعد الحج، فولى أخوه علي بن محمّد مكانه، وبقي ابن أبي الشوارب على قضاء سر من رأى، وكان يدعى بقاضي القضاة، وصار إسماعيل المقدم على سائر القضاة، ولم يقلد أحد قضاء القضاة إلى أن توفي.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبيّ قال: سمعت محمّد بن الفضل النّحويّ يقول: سمعت أبا الطّيّب عبد الله بن شاذان يقول:
سمعت يوسف بن يعقوب يقول: قرأت توقيع المعتضد إلى عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير. واستوص بالشيخين الخيرين القاضيين: إسماعيل بن إسحاق الأزديّ،