للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه، فكان يذهب إلى الجبان، فإذا جاء وقت المغرب جاء الى البقال فسلم وأخذ المفتاح، فكان هذا دأبه، فكان البقال يحدث عنه، قال فجاء يوما وقد عملت باذنجانا بأصباغه، فنظر إليه فعلمت أنه قد اشتهاه، قال فتبعته فقلت له: بأبى أنت هذا الباذنجان تعمله بنية لي من غزل تغزله وأبيعه لها، فخذ منه ما شئت. قال فقال: ارجع حفظك الله، قال فرجعت ومضى. ووقفت أنظر في قفاه، قال فسمعته يقول: هيه افتضحت- يخاطب نفسه- تشتهين الباذنجان بأصباغه، والله لا تذوقينه حتى تفارقى الدنيا. قال: ومضى.

أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمّد بن جعفر العطّار حدّثنا أحمد بن سلمان الفقيه حدّثنا على بن أحمد بن النّضر حدّثنا الحسن بن عفّان قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: إنى لأشتهى شواء من أربعين سنة ما صفا لي درهمه!.

أخبرنا الحسن بن الحسين بن العبّاس النّعاليّ أخبرنا أحمد بن نصر الذارع قال سمعت أبا العبّاس أحمد بن محمّد بن مسروق يقول: سئل بشر بن الحارث عن القناعة فقال: لو لم يكن في القناعة شيء إلا التمتع بعز الغناء لكان ذلك يجزى، ثم أنشأ يقول:

أفادتني القناعة أيّ عزّ … ولا عزّ أعزّ من القناعة

فخذ منها لنفسك رأس مال … وصيّر بعدها التّقوى بضاعه

تحز حالين تغنى عن بخيل … وتسعد في الجنان بصبر ساعه

ثم قال: مروءة القناعة، أشرف من مروءة البذل والعطاء.

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن على الواسطي، حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، حدّثنا العبّاس بن يوسف الشكلي، حدّثني أبو عبد الله الأسديّ.

قال: قال لي بشر بن الحارث يوما:

قطع اللّيالي مع الأيّام في خلق … والنّوم تحت رواق الهمّ والقلق

أحرى وأعذر لي من أن يقال غدا … إنّي التمست الغنى من كفّ مختلق

قالوا رضيت بذا قلت القنوع غنى … ليس الغنى كثرة الأموال والورق

رضيت بالله في عسري وفي يسري … فلست أسلك إلّا أوضح الطّرق (١)


(١) - انظر الخبر والأبيات في: تهذيب الكمال ٤/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>