أنبأنا محمّد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال: أنشدني أبو الفتح الإسكندري قال: أنشدني القناد قال: أنشدني الحسين بن منصور الحلاج:
متى سهرت عيني لغيرك أو بكت … فلا أعطيت ما منيت وتمنت
وإن أضمرت نفسي سواك فلا رعت … رياض المنى من وجنتيك وجنت
أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله الأردستاني- بمكة- أنبأنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي- بنيسابور- قال: سمعت أبا الفضل بن حفص يقول: سمعت القناد يقول: لقيت الحلاج يوما في حالة رثة، فقلت له: كيف حالك؟ فأنشأ يقول:
لئن أمسيت في ثوبي عديم … لقد بليا على حر كريم
فلا يحزنك إن أبصرت حالا … مغيرة عن الحال القديم
فلي نفس ستتلف أو سترقى … لعمرك بي إلى أمر جسيم!
حدّثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال: سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمّد القاضي يقول: سمعت أحمد بن العلاء الصّوفيّ قال: سمعت عليّ ابن عبد الرّحيم القناد قال: رأيت الحلاج ثلاث مرات في ثلاث سنين، فأول ما رأيته أني كنت أطلبه لأصحبه، وآخذ عنه، فقيل لي إنه بأصفهان فسألت عنه فقيل لي كان هاهنا وخرج فخرجت من وقتي وأخذت الطريق فرأيته على بعض جبال أصفهان وعليه مرقعة وبيده ركوة وعكاز، فلما رآني قال: علي التوري (١)؟ ثم أنشأ يقول:
لئن أمسيت في ثوبي عديم … لقد بليا على حر كريم
فلا يغررك إن أبصرت حالا … مغيرة عن الحال القديم
فلي نفس ستتلف أو سترقى … لعمرك بي إلى أمر جسيم!
ثم فارقني وقال لي: نلتقي إن شاء الله، وملأ كفي دنينيرات، فلما كان بعد سنة أخرى سألت عنه أصحابه ببغداد، فقالوا: هو بالجبانة، فقصدت الجبانة فسألت عنه فقيل لي: إنه في الخان، فدخلت الخان فرأيته وعليه صوف أبيض، فلما رآني قال:
علي التوري؟ قلت: نعم، فقلت: الصحبة الصحبة، فأنشدني:
دنيا تغالطني كأني … لست أعرف حالها
حظر المليك حرامها … وأنا احتميت حلالها
فوجدتها محتاجة … فوهبت لذتها لها
(١) هكذا في النسختين، ولعله" التوزى" ذكره السمعاني في الأنساب في:" القناد" ولم يذكر" التورى".