والحيلة فيها، والحلاج حينئذ مقيم عند نصر القشوري، في بعض حجره، موسع عليه، مأذون لمن يدخل إليه، وللحلاج اسمان أحدهما الحسين بن منصور، والآخر محمّد ابن أحمد الفارسيّ. وكان قد استغوى نصرا وجاز تمويهه عليه، حتى كان يسميه العبد الصّالح، ويحدّث الناس أن علة عرضت للمقتدر بالله في جوفه، وقف نصر على خبرها، فوصفه له واستأذنه في إدخاله إليه فأذن له، ووضع يده على الموضع الذي كانت العلة فيه وقرأ عليه، فاتفق أن زالت العلة، ولحق والدة المقتدر بالله مثل تلك العلة، وفعل بها مثل ذلك فزال ما وجدته، فقام للحلاج بذلك سوق في الدار، وعند والدة المقتدر والخدم والحاشية وأسباب نصر خاصة، ولما انتشر كلام الدباس وأبي علي الأوارجي في الحلاج بعث به المقتدر بالله إلى أبي الحسن عليّ بن عيسى ليناظره فأحضره مجلسه وخاطبه خطابا فيه غلظة، فحكى في ذلك الوقت أنه تقدم إليه وقال له فيما بينه [وبينه](١): قف حيث انتهيت ولا تزد عليه شيئا، وإلّا قلبت الأرض عليك، أو كلاما في هذا المعنى فتهيب عليّ بن عبيس مناظرته واستعفى منه، ونقل حينئذ إلى حامد، وكانت بنت السمري صاحب الحلاج قد أدخلت إليه، وأقامت عنده في دار السلطان مدة، وبعث بها إلى حامد ليسألها عما وقفت عليه، وشاهدته من أحواله، فدخلت إلى حامد في يوم شات بارد، وهذه المرأة بحضرته- وكانت حسنة العبارة، عذبة الألفاظ، مقبولة الصورة، فسألها عن أمره فذكرت أن أباها السمري حملها إليه، وأنها لما دخلت عليه وهب لها أشياء كثيرة، عدّدت أصنافها منها ريطة خضراء وقال لها: قد زوجتك من ابني سليمان، وهو أعز ولدي عليّ، وهو مقيم بنيسابور في موضع قد ذكرته وأنسيته، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف، أو تنكر منه حالا من الأحوال، وقد أوصيته بك، فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته فصومي يومك، واصعدي آخر النهار إلى السطح وقومي على الرماد واجعلي فطرك عليه وعلى ملح جريش، واستقبليني بوجهك، واذكري لي ما أنكرتيه منه فإني أسمع وأرى. قالت: وكنت ليلة نائمة في السطح وابنة الحلاج معي في دار السلطان، وهو معنا، فلما كان في الليل أحسست به وقد غشيني فانتبهت مذعورة منكرة لما كان منه. فقال: إنما جئتك لأوقظك للصلاة ولما أصبحنا نزلت إلى الدار ومعي بنته ونزل هو، فلما صار على الدرجة بحيث يرانا ونراه قالت بنته: اسجدي له، فقلت لها: أو يسجد أحد لغير الله؟! وسمع كلامي لها فقال: نعم، إله في السماء