القاسم العتقي، وعبد الله بن وهب القرشيّ: روى عنه كافة المصريين، وكان فقيها على مذهب مالك بن أنس، وكان ثقة في الحديث، ثبتا. حمله المأمون إلى بغداد في أيام المحنة، وسجنه لأنه لم يجب إلى القول بخلق القرآن، فلم يزل ببغداد محبوسا إلى أن ولى جعفر المتوكل فأطلقه، وأطلق جميع من كان في السجن. وحدّث الحارث ببغداد، فسمع منه حمدان بن عليّ الورّاق، والقاسم بن المغيرة الجوهريّ، ويعقوب بن شيبة، وعبد اللهبن أحمد بن حنبل، وغيرهم. ورجع إلى مصر وكتب إليه المتوكل بعهده على قضاء مصر، فلم يزل يتولاه من سنة سبع وثلاثين ومائتين، إلى أن صرف عنه في سنة خمس وأربعين ومائتين.
أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ، أنبأنا محمّد بن أحمد ابن يعقوب بن شيبة، حدّثنا جدي، حدّثنا الحارث بن مسكين، حدّثنا ابن وهب، حدّثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قال: جاء رجل من الأنصار إلى أبي فقال: يا أبا أسامة إني رأيت النبي ﷺ وأبا بكر، وعمر، وخرجوا من هذا الباب، فإذا النبي ﷺ يقول: انطلقوا بنا إلى زيد بن أسلم نجالسه ونسمع من حديثه، فجاء النبي ﷺ حتى جلس إلى جنبك فأخذ بيدك، قال: فلم يكن بقاء أبي بعد هذا إلّا قليلا.
أنبأنا عليّ بن طلحة المقرئ، أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حدّثنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان. قال: قال لي عمي أبو عليّ عبد الرّحمن بن يحيى بن خاقان بن موسى: وسألته- يعني أحمد بن حنبل- عن الحارث بن مسكين قاضي مصر. فقال فيه قولا جميلا، وقال: ما بلغني عنه إلّا خير.
قرأنا على الجوهريّ عن محمّد بن العبّاس قال: حدّثنا يحيى بن القاسم الكوكبي، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سئل يحيى بن معين- وأنا أسمع- عن الحارث بن مسكين المصري فقال: لا بأس به.
أنبأنا أحمد بن محمّد الكاتب، أنبأنا محمّد بن حميد المخرّميّ، حدّثنا عليّ بن الحسين بن حيّان قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال أبو زكريّا: الحارث بن مسكين خير من أصبغ بن الفرج وأفضل، وأفضل من عبد الله بن صالح كاتب الليث، وكان أصبغ من أعلم خلق الله كلهم برأي مالك، يعرفها مسألة مسألة، متى قالها مالك، ومن خالفه فيها.