بغداد اجتمع إليه أهل بغداد فقالوا له: يا أبا عبد الرّحمن أنت رجل عجمي، وليس يكلمك أحد إلّا قطعته، لأي معنى؟! فقال حاتم: معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي، قالوا: أي شيء هي؟ قال: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن له إذا أخطأ، وأحفظ نفسي لا تتجاهل عليه. فبلغ ذلك أحمد بن محمّد بن حنبل فقال:
سبحان الله ما أعقله من رجل.
ذكر محمّد بن أبي الفوارس أن طلحة بن عمر بن عليّ الحذّاء حدّثهم قال: حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن المهتدي الحنفي، حدّثنا أبو جعفر الهرويّ قال: كنت مع حاتم كر وقد أراد الحج، فلما وصل إلى بغداد قال لي: يا أبا جعفر أحب أن ألقي أحمد بن حنبل، فسألنا عن منزله، ومضينا إليه، فطرقتعليه الباب، فلما خرج قلت: يا أبا عبد الله أخوك حاتم، قال: فسلم عليه ورحب به وقال له- بعد بشاشته به-: أخبرني يا حاتم فيم التخلص من الناس؟ قال: يا أحمد في ثلاث خصال، قال: وما هي؟
قال: أن تعطيهم مالك ولا تأخذ من مالهم شيئا، قال: وتقضي حقوقهم ولا تستقضي أحدا منهم حقا لك، قال: وتحتمل مكروههم ولا تكره أحدا على شيء، قال: فأطرق أحمد ينكت بإصبعه على الأرض، ثم رفع رأسه ثم قال: يا حاتم إنها لشديدة، فقال له حاتم: وليتك تسلم، وليتك تسلم، وليتك تسلم.
أنبأنا أحمد بن عليّ بن الحسين المحتسب قال: حدّثنا الحسن بن الحسين الهمذاني، حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد بن إسحاق السرخسي قال: سمعت أبا الحسن محمّد بن الحسين الجرجانيّ يقول: سمعت الحسن بن عليّ العابد يقول:
سمعت حاتما الأصم- وقد سأله سائل على أي شيء بنيت أمرك؟ - فقال: على أربع خصال؛ على أن لا أخرج من الدّنيا حتى أستكمل رزقي، وعلى أن رزقي لا يأكله غيري، وعلى أن أجلي لا أدري متى هو، وعلى أن لا أغيب عن الله طرفة عين.
قال: وسمعت حاتما يقول: لو أن صاحب خبر جلس إليك ليكتب كلامك لاحترزت منه، وكلامك يعرض على الله فلا تحترز؟
أنبأنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي الحسن القرميسيني، حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد الجرجرائي، حدّثنا عبد الله بن سهل الرّازيّ قال: قال رجل لحاتم الأصم:
بلغني أنك تجوز المفاوز من غير زاد؟ فقال: بل أجوزها بالزاد، إنما زادي فيها أربعة أشياء، قال: ما هي؟ قال: أرى الدّنيا كلها ملكا لله وأرى الخلق كلهم عباد الله