فعاقبني الله بما سمعت. وكان يقول: لا نسب أشرف من نسب من خلقه الله بيده فلم يعصمه، ولا علم أرفع من علم من علمه الله الأسماء كلها فلم ينفعه في وقت جريان القضاء عليه.
قلت: جعفر الخلدي ثقة، وهذه الحكاية ظريفة جدا يسبق إلى القلب استحالتها، وقد كان الخلدي كتب إلى شيخنا أبي نعيم يجيز له رواية جميع علومه عنه، وكتب أبو نعيم هذه الحكاية عن أبي الحسن بن مقسم عن الخلدي، ورواها لنا عن الخلدي نفسه إجازة، وكان ابن مقسم غير ثقة. والله أعلم.
حدّثنا عبد العزيز بن عليّ الورّاق حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمذاني حدّثني أحمد ابن عطاء قال: كنت مع خير النساج وهو من شيوخ خالي في السماع، وكان قد احدودب، وكان إذا سمع السماع قام ظهره ورجعت قوته كالشاب المطلق، فإذا غاب عن الوجود عاد إلى حاله، وقد كان عمّر مائة وعشرين سنة، وكان يذكر أن إبراهيم الخواص صحبه.
قال لي أبو نعيم الحافظ:- وذكر خيرا- سمعت عليّ بن هارون الحربيّ يحكي عن غير واحد ممن حضر موته من أصحابه أنه غشى عليه عند صلاة المغرب، ثم أفاق ونظر إلى ناحية من باب البيت فقال: قف عافاك الله، فإنما أنت عبد مأمور، وأنا عبد مأمور، ما أمرت به لا يفوتك، وما أمرت به يفوتني، فدعني أمضي لما أمرت به، ثم امض أنت لما أمرت به، ودعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى، ثم تمدد وغمض عينيه، وتشهد فمات، فرآه بعض أصحابه في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: لا تسألني عن هذا، ولكن استرحت من دنياكم الوضرة.
بلغني أن خيرا مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة (١)».